وأم إذا قوبل به ألف الاستفهام فمعناه أي نحو : أزيد فى الدار أم عمرو؟ أي أيهما؟ وإذا جرد عن ألف الاستفهام فمعناه بل نحو (أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) أي بل زاغت. وأما حرف تقتضى معنى أحد الشيئين ويكرر نحو : (أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ) ويبتدأ بها الكلام نحو أما بعد فإنه كذا.
(أمد) : قال تعالى : (تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) الأمد والأبد يتقاربان ، لكن الأبد عبارة عن مدة الزمان التي ليس لها حد محدود ولا يتقيد لا يقال أبد كذا. والأمد مدة لها حد مجهول إذا أطلق ، وقد ينحصر نحو أن يقال أمد كذا كما يقال زمان كذا ، والفرق بين الزمان والأمد أن الأمد يقال باعتبار الغاية والزمان عام فى المبدأ والغاية ولذلك قال بعضهم المدى والأمد يتقاربان.
(أمر) : الأمر الشأن وجمعه أمور ومصدر أمرته إذا كلفته أن يفعل شيئا وهو لفظ عام للأفعال والأقوال كلها ، وعلى ذلك قوله تعالى : (إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) وقال تعالى : (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) ـ (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) ويقال للإبداع أمر نحو : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) ويختص ذلك بالله تعالى دون الخلائق ، وقد حمل على ذلك قوله تعالى : (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) وعلى ذلك حمل الحكماء قوله تعالى : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) أي من إبداعه وقوله تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فإشارة إلى إبداعه وعبر عنه بأقصر لفظة وأبلغ ما يتقدم فيه فيما بيننا بفعل الشيء ، وعلى ذلك قوله تعالى : (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ) فعبر عن سرعة إيجاده بأسرع ما يدركه وهمنا. والأمر التقدم بالشيء سواء كان ذلك بقولهم افعل وليفعل أو كان ذلك بلفظ خبر نحو : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ) أو كان بإشارة أو غير ذلك. ألا ترى أنه قد سمى ما رأى إبراهيم فى المنام من ذبح ابنه أمرا حيث قال تعالى : (إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) فسمى ما رآه فى المنام من تعاطى الذبح أمرا.
وقوله تعالى : (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) فعام فى أقواله وأفعاله ، وقوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ) إشارة إلى القيامة فذكره بأعم الألفاظ. وقوله تعالى : (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) أي ما تأمر النفس الأمارة بالسوء. وقيل أمر القوم كثروا وذلك لأن القوم إذا كثروا صاروا ذا أمير من حيث إنهم لا بد لهم من سائس يسوسهم ، ولذلك قال الشاعر :