وقيل أرض أنيث سهل اعتبارا بالسهولة التي فى الأنثى أو يقال ذلك اعتبارا بجودة إنباتها تشبيها بالأنثى ، ولذا قال أرض حرة وولودة ، ولما شبه فى حكم اللفظ بعض الأشياء بالذكر فذكر أحكامه وبعضها بالأنثى فأنث أحكامها نحو اليد والأذن والخصية سميت الخصية لتأنيث لفظ الأنثيين ، وكذلك الأذن ، قال الشاعر :
وما ذكر وإن يسمن فأنثى
يعنى القراد فإنه يقال له إذا كبر حلمة فيؤنث ، وقوله تعالى : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) فمن المفسرين من اعتبر حكم اللفظ فقال : لما كانت أسماء معبوداتهم مؤنثة نحو (اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ) قال ذلك. ومنهم وهو أصح من اعتبر حكم المعنى وقال المنفعل يقال له أنيث ومنه قيل للحديد اللين أنيث فقال : ولما كانت الموجودات بإضافة بعضها إلى بعض ثلاثة أضرب : فاعلا غير منفعل وذلك هو الباري عزوجل فقط ، ومنفعلا غير فاعل وذلك هو الجمادات ، ومنفعلا من وجه كالملائكة والإنس والجن وهم بالإضافة إلى الله تعالى منفعلة وبالإضافة إلى مصنوعاتهم فاعلة. ولما كانت معبوداتم من جملة الجمادات التي هى منفعلة غير فاعلة سماها الله تعالى أنثى وبكتهم بها ونبههم على جهلهم فى اعتقاداتهم فيها أنها آلهة مع أنها لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر بل لا تفعل فعلا بوجه. وعلى هذا قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام : (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) وأما قوله عزوجل (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) فلزم الذين قالوا إن الملائكة بنات الله.
(إنس) : الإنس خلاف الجن ، والإنس خلاف النفور ، والإنسى منسوب إلى الإنس ، يقال ذلك لمن كثر أنسه ولكل ما يؤنس به ولهذا قيل إنسى الدابة للجانب الذي يلى الراكب وإنسى القوس للجانب الذي يقبل على الرامي. والإنسى من كل شىء ما يلي الإنسان والوحشي ما يلى الجانب الآخر له ، وجمع الإنس أناسى قال الله تعالى : (وَأَناسِيَّ كَثِيراً) وقيل ابن إنسك للنفس ، وقوله عزوجل : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) أي أبصرتم أنسا به ، وآنست نارا. وقوله تعالى : (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) أي تجدوا إيناسا. والإنسان قيل سمى بذلك لأنه