(كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ) الصر من الرياح : الباردة ، فوصف بها القرة ، بمعنى : فيها قرة صر ، كما تقول : برد بارد على المبالغة. وقد يكون الصر مصدرا ، فجىء به على أصله فشبه ما كانوا ينفقون من أموالهم فى المكارم والمفاخر وكسب حسن الذكر بين الناس لا يبتغون به وجه الله بالزرع الذي حسه البرد فذهب حطاما.
(فَأَهْلَكَتْهُ) عقوبة لهم على معاصيهم.
(وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ) الضمير للمنفقين على معنى : وما ظلمهم الله بأن لم يقبل نفقاتهم ، ولكنهم ظلموا أنفسهم حيث لم يأتوا بها مستحقة للقبول.
أو يكون الضمير لأصحاب الحرث الذين ظلموا أنفسهم ، وما ظلمهم الله باهلاك حرثهم ، ولكن ظلموا أنفسهم بارتكاب ما استحقوا به العقوبة.
١١٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) :
(بِطانَةً) بطانة الرجل : خصيصه وصفيه الذي يفضى إليه بشقوره ثقة به ، شبه ببطانة الثوب.
(مِنْ دُونِكُمْ) أي من دون أبناء جنسكم وهم المسلمون.
(لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً) ألا فى الأمر يألو ، إذا قصر فيه ، ثم استعمل فعدى الى مفعولين فى قولهم : لا آلوك نصحا ، على التضمين ، والمعنى :
لا أمنعك نصحا ولا أنقصكه. والخبال : الفساد.
(وَدُّوا ما عَنِتُّمْ) ودوا عنكم ، على أن (ما) مصدرية. والعنت : شدة الضرر والمشقة.
(قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) لأنهم لا يتمالكون مع ضبطهم أنفسهم أن ينفلت من ألسنتهم ما يعلم به بغضهم للمسلمين.
(قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ) الدالة على وجوب الإخلاص فى الدين ، وموالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه.