حيران ضالّ.
ومنزلة العلماء ومراتبهم الكبيرة السامية قد بيَّنها الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز قائلاً في سورة آل عمران : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ)(١) وقوله عزّ وجلّ : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات)(٢) وفي سورة الزُّمَر : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الاَْلْبَابِ)(٣) وغيرها من الآيات الكريمة المباركة المبيّنة لفضل العلماء ومراتبهم العالية.
ومن بين علماء المسلمين الذين تعجُّ بهم كتب التراجم والتاريخ علماء مدينة الحلّة الفيحاء الذين هم وبحقٍّ جزء لا يتجزّأ من تاريخ علماء الإسلام ، أولئك العلماء الفطاحل الذين قدّموا ما قدّموا في سبيل نصرة الدين ونشر العلم والمعرفة.
وكنت قد تناولت في كتابي المزارات ومراقد العلماء في الحلّة الفيحاء جانباً من تراجم بعض أولئك العلماء الأعلام عند ذكري لمراقدهم الموجودة في المدينة الفيحاء ، وفي بحثي المتواضع هذا حاولت دراسة النهضة العلمية الثقافية في الحلّة وما هي أسباب نشوئها واستمرارها مع توضيح بعض ملامح وصفات المدرسة العلمية فيها والتي استمرّت ما يقارب ثلاثة قرون ونصف تقريباً ، أنجبت خلالها المئات من العلماء الأعلام والأدباء الكرام الذين حازت بفضلهم مدرسة الحلّة الزعامة الدينية وأصبحت لعقود طويلة من الزمن قبلةً لعشّاق العلم والأدب.
__________________
(١) سورة آل عمران ٣: ١٨.
(٢) سورة المجادلة ٥٨: ١١.
(٣) سورة الزمر ٣٩: ٩.