بضعة أميال جنوبي أطلال بابل ، وقد نشأت في هذه البقعة (أرض بابل) حضارات قديمة بابلية وكلدانية وسومرية أطلق عليها العرب اسم (النبط) ، ذلك لمعرفته بأنباط الماء ـ أي استخراجه ـ لكثرة فلاحتهم ، وسمّوا أرضه بالسواد لخضرته بالنخيل والزرع ، وتعرف قديماً باسم (سورستان) ، وإليها ينسب السريانيّون وهم النبط وإنّ لغتهم السريانية ، ومن نبط بابل (الإمام أبو حنيفة) واسم جدّه زوطي نبطي ، ثمَّ أخذ هذا الشعب يمتزج بالفاتحين العرب ويتعلَّم منهم ويدخل في دينهم ... إلى قوله بعد تعداده لبعض قرى الحلّة : وباختصار فإنّ مدينة الحلّة سمّيت كذلك لأنّ بني مزيد حلّوا فيها فصارت حلّتهم ـ أي : محلّتهم ومجلسهم ومجتمعهم ـ ورئيسهم سيف الدولة الذي أنشأها سنة ٤٩٥ هـ. (١١٠٢ م)».
قرى مدينة الحلّة وأعمالها :
لابدّ لنا هنا من الإشارة إلى قرى مدينة الحلّة وأعمالها بشكل عامّ وموجز مع التعريف بأهمّ قُراها العلمية وذلك لانتماء وانتساب العديد من العلماء والأدباء إليها ـ وإنَّ من أولئك العلماء الأفذاذ من يذكر ويُعرَف بأسماء تلك القرى ، أمثال الفقيه الفاضل الشيخ المقداد السيوري ، والشيخ الجليل كمال الدين عبـد الرحمن العتايقي ، والحافظ الشاعر الشيخ رجب البرسي ، وغيرهم كثير ـ وكذلك أيضاً لما كانت تمثّله تلك القرى من روافد حيّة متدفّقة وفيرة العطاء تمدّ وتغذّي أرض الفيحاء بشرايين الحياة الاقتصادية المتمثّلة في الزراعة والتجارة من جهة ، وبالنهضة الفكرية العلمية العملاقة المتمثّلة بتدفّق رجال العلم والأدب إليها من جهة أخرى ، وللتعرّف على أسماء تلك القرى بشكل عامّ والعلمية منها بشكل خاصّ نذكرها هنا