العربي(١) ، ولا ندري إلى أين سينتهي إليه منهج الشكّاكين في تراثنا العربي والإسلامي ، فقد تمادى هذا الفريق حتّى تطاول إلى القرآن والسنّة النبويّة بل أراد البعض هدم صرح الإسلام وتراث المسلمين الذي شيّده رجال الدعوة إلى الله وعلى رأسهم النبيّ محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فلا عجب أنْ يثور فريق من المسلمين لينتصر إلى تراثه ومبادئه ، ويصدّ الفريق الأوّل ومنهجه السقيم القائم على الشكّ ، وهذا الفريق المنتصر قد أشار إلى بلاغة الإمام عليهالسلامإشارة سريعة تتناول كلّ ما عرف عنه عليهالسلام من نثر بليغ ، نذكر من هذا الفريق المدافع : سبط ابن الجوزي ، ومحمّـد بن طلحة الشافعي ، وعبـد الحميد الكاتب وهذا الأخير هو القائل : «ما تعلّمت البلاغة إلاّ بحفظ كلام الأصلع»(٢).
والبعض الآخر : اختار قطعاً ونصوصاً كثيرة وبليغة من كلام الإمام عليهالسلام فحفظها أو دوّنها كالجاحظ ، والخطيب الخوارزمي ، وأبو الفتح الآمدي ، وابن نبات المصري وهذا الأخير هو القائل : «حفظت مئة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب عليهالسلام»(٣).
وفريق ثالث : اعتنى بكلام أمير المؤمنين؟ عناية فائقة واهتمّ بشرح خطبه ورسائله ، منهم ابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي ، إذ فاق جميع مَن سبقه حين شرح النهج ، واعتبر كلام الإمام علي عليهالسلام في المرتبة الثانية لكلام الله وكلام رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).
__________________
(١) أثر التشيّع في الأدب العربي : ٥٧.
(٢) نظرات في الكتب الخالدة : ١٧٧.
(٣) انظر : شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ١ / ٢٤ ، والفوائد الرجالية ٢ / ١١٩ ، والكنى والألقاب ١ / ٢١٧.