الناس بفضائل عليٍّ عليهالسلام وأهل بيته الكرام إذ كمّوا الأفواه ، وعاقبوا كلّ من يذكر من سيرة عليٍّ وأبنائه الأطهار ، وفي مقابل ذلك نسبوا الكثير من الفضائل إلى معاوية وابنه يزيد وعمرو بن العاص وسائر حكّام بني أميّة ، فهم الذين افتعلوا الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة ونسبوا لهم الكرامات والمعاجز والمناقب ...
فليس بِدعاً من بني أميّة وهم السرّاق للمال والغاصبين للخلافة أن يسرقوا تراث وكلام أمير المؤمنين عليهالسلام ثمّ يلوكوه بألسنتهم ويلفظوه ثانية على العوامّ من أهل الشام ، فكم لهم من سطوة على خطب الإمام عليهالسلاموكلماته؟!
انظر إلى نقد الجاحظ عندما تناول خطبة لمعاوية لمّا حضرته الوفاة.
قال : «إنّ هذا الكلام لا يشبه السبب الذي من أجله دعاهم معاوية ، ومنها أنّ هذا المذهب في تصنيف الناس وفي الإخبار عنهم وعمّا هو عليه من القهر والإذلال ومن التقية والخوف أشبه بكلام عليٍّ عليهالسلام وبمعانيه بحاله منه بحال معاوية ... إلى أن يقول : والله أعلم بأصحاب الأخبار وبكثير منه»(١).
وممّا نسوقه دليلاً في الردّ على المعترض ، ما جاء في شرح النهج لابن أبي الحديد وهو يقارن خطبة الإمام عليهالسلام في الجهاد بخطبة ابن نباتة المتوفـّى سنة ٣٧٤ هـ.
فيقول : «واعلم أنّ التحريض على الجهاد والحضّ عليه قد قال فيه النّاس فأكثروا وكلّهم أخذوا من كلام أمير المؤمنين عليهالسلام فانظر إليها ـ إلى
__________________
(١) البيان والتبيين ٢ / ٣٩.