خطبة ابن نباتة ـ وإلى خطبته عليهالسلام بعين الإنصاف تجدها بالنسبة إليه كمخنّث بالنسبة إلى الفحل أو كسيف من رصاص بالإضافة إلى سيف من حديد .. إذا تأمّله الخبير عرفه ، ومع هذا فهي مسروقة من كلام أمير المؤمنين عليهالسلام ، ثمّ يقول ابن أبي الحديد : وأمّا باقي خطبة ابن نباتة فمسروق من خطب لأمير المؤمنين عليهالسلام واعلم أنّي أضرب لك مثلاً تتخذه دستوراً في كلام أمير المؤمنين عليهالسلام وكلام الكتّاب والخطباء بعده كابن نباتة والصابي وغيرهما.
وبعد هذا بصفحتين يقول ابن أبي الحديد : فلينظر الناظر في هذا الكلام ؛ كلام ابن نباتة وكلام الإمام عليٍّ عليهالسلام فإنّه وإن كان قد أخذ من صناعة البديع بنصيب إلاّ أنّه في حضيض الأرض ، وكلام أمير المؤمنين عليهالسلام في أوج السماء ، ومثله بالقياس إلى كلام أمير المؤمنين عليهالسلامكدار مبنية من اللبن والطين ، ومموّهة الجدران بالنقوش والتصاوير مزخرفة بالذهب من فوق الجصّ والإسفيداج(١) بالقياس إلى دار مبنية بالصخر الأصمّ الصلد المسبوك بينه عمد الرصاص والنحاس المذاب ، وهي مكشوفة غير مموّهة ولا مزخرفة ، فإنّ بين هاتين الدارين بوناً شاسعاً»(٢).
ومن المفارقات العجيبة أنّ أحمد أمين ينكر نسبة النهج لأمير المؤمنين عليهالسلام لكنّه يقع في مزلق كبير فيه افتضاحه وتعرّيه قال في معرض كلامه على البصائر والذخائر ما يؤكّد شيوع نهج البلاغة بين النّاس وأنّ الاقتباس من الإمام عليٍّ عليهالسلام أمر يشهد لـه الجميع ثمّ صرّح بأنّ السرقة الأدبية من كلام الإمام عليهالسلام كانت تجري على قدم وساق دونما رادع ، وفي
__________________
(١) الاسفيداج ـ رماد الرصاص.
(٢) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ٢ / ٨٢ و ٨٤.