الله صلىاللهعليهوسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء ، أيّ ذلك في سبيل الله؟ فقال : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله».
القول في تأويل قوله تعالى :
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٢٤٥)
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) ـ هذا حث من الله تعالى لعباده على الصدقة ، وقد كرر تعالى هذه الآية في كتابه العزيز في غير موضع.
قال القرطبيّ : طلب القرض في هذه الآية لما هو تأنيب وتقريب للناس بما يفهمون. والله هو الغني الحميد. لكنه تعالى شبه إعطاءه المؤمنين ، وإنفاقهم في الدنيا الذي يرجون ثوابه في الآخرة ، بالقرض. كما شبه إعطاء النفوس والأموال في أخذ الجنة ، بالبيع والشراء. حسبما يأتي بيانه في سورة براءة ، وكنى الله سبحانه وتعالى عن الفقير بنفسه العلية المنزهة عن الحاجات ترغيبا في الصدقة. كما كنّى عن المرض والجائع والعطشان بنفسه المقدسة. ففي (١) صحيح الحديث إخبارا عن الله تعالى : «يا ابن آدم! مرضت فلم تعدني. استطعمتك فلم تطعمني ، استسقيتك فلم تسقني. قال : يا ربّ! كيف أسقيك وأنت ربّ العالمين؟ قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه. أما أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي» ؛ وكذا فيما قبله. أخرجه الشيخان. وهذا كله خرج مخرج التشريف لمن كنّى عنه ترغيبا لمن خوطب به. وقد أخرج سعيد بن منصور والبزار والطبرانيّ وغيرهم عن ابن مسعود قال : لما نزلت هذه الآية ، قال أبو الدحداح الأنصاريّ : يا رسول الله! وإن الله ليريد منا القرض؟ قال :
__________________
(١) أخرجه مسلم في : البر والصلاة والآداب ، حديث ٤٣. ونصه : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إن الله عزوجل يقول : يوم القيامة : يا ابن آدم! مرضت فلم تعدني. قال : يا رب! كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال : أما علمت أن عبدي فلان مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم! استطعمتك فلم تطعمني. قال : يا رب! وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال : أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ يا ابن آدم! استسقيتك فلم تسقني. قال : يا رب! كيف أسقيك؟ وأنت رب العالمين. قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه ، أما أنك لو سقيته وجدت ذلك عندي». ولم يخرجه البخاريّ.