نعم. يا أبا الدحداح! قال : أرني يدك ، يا رسول الله! فناوله يده. قال : فإني قد أقرضت ربي حائطي (وحائط له ، فيه ستمائة نخلة. وأم الدحداح فيه وعيالها) فجاء أبو الدحداح فناداها : يا أم الدحداح! قالت : لبيك ، قال : اخرجي فقد أقرضته ربي عزوجل فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : قد قبله منك. فأعطاه النبيّ صلىاللهعليهوسلم اليتامى الذين في حجره. فكان النبيّ صلىاللهعليهوسلم يقول : ربّ عذق لأبي الدحداح مدلّى في الجنة ، وفي رواية كم من عذق إلخ. وقوله تعالى (حَسَناً) أي طيبة به نفسه من دون منّ ولا أذى. وقوله سبحانه (فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) كما قال سبحانه : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة : ٢٦١]. ولما رغب سبحانه في إقراضه أتبعه جملة مرهبة مرغبة فقال : (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ) أي : يضيّق على من يشاء من عباده في الرزق ويوسعه على آخرين. أي فلا تبخلوا عليه بما وسع عليكم ، لئلا يبدّل السعة الحاصلة لكم بالضيق.
(وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أي يوم القيامة فيجازيكم.
قال المهايميّ : وكيف ينكر بسط الله وقبضه وهو الذي يعطي الفقير الملك ويسلبه من أهله ، ويقوي الضعفاء من الجمع القليل ويضعف الأقوياء من الجمع الكثير؟ يعني كما قصه تعالى في قوله :
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاَّ تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلاَّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (٢٤٦)
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ) ، وهم القوم ذو الشارة والتجمع (مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ) إنما نكر لعدم مقتض لتعريفه ، وزعم الكتابيون أنه صموئيل (ابْعَثْ لَنا مَلِكاً) ، أي : أقم لنا أميرا : (نُقاتِلْ) ، أي معه عن أمره (فِي سَبِيلِ اللهِ) وذلك حين ظهرت العمالقة ، قوم جالوت على كثير من أرضهم (قالَ) لهم نبيهم (هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا).