رمضان فله الفطر فيه. قاله في (زاد المعاد).
(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) أي الصوم ، إن أفطروا (فِدْيَةٌ) أي إعطاء فدية وهي (طَعامُ مِسْكِينٍ) و «الفدية» ما يقي الإنسان به نفسه من مال يبذله في عبادة يقصّر فيها ، و «الطعام» ما يؤكل وما به قوام البدن (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) بأن أطعم أكثر من مسكين (فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) لأنه فعل ما يدل على مزيد حبّه لربه (وَأَنْ تَصُومُوا) أيها المطيقون (خَيْرٌ لَكُمْ) من الفدية وإن زادت (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي فضيلة الصوم وفوائده ، أو إن كنتم من أهل العلم.
وقد ذهب الأكثرون إلى أن هذه الآية منسوخة بما بعدها. فإنه كان في بدء الإسلام فرض عليهم الصوم ولم يتعودوه ، فاشتد عليهم ، فرخّص لهم في الإفطار والفدية. كما روى مسلم (١) عن سلمة بن الأكوع قال : لما نزلت هذه الآية (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) كان من أراد أن يفطر ويفتدي ، حتى نزلت الآية بعدها فنسختها. وأسند من طريق آخر عن سلمة أيضا قال : كنا في رمضان على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم من شاء صام ، ومن شاء أفطر فافتدى بطعام مسكين ، حتى أنزلت هذه الآية (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ). وفي البخاري (٢) : قال ابن عمر وسلمة بن الأكوع : نسختها (شَهْرُ رَمَضانَ ....) الآية. ثم روي عن ابن أبي ليلى : حدثنا أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم : نزل رمضان فشقّ عليهم ، فكان من أطعم كلّ يوم مسكينا ترك الصوم ممن يطيقه ، ورخص لهم في ذلك ، فنسخت وأمروا بالصوم. ثم أسند أيضا عن ابن عمر أنه قال : هي منسوخة.
هذا وقد روى البخاري (٣) في (التفسير) : عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقول في هذه الآية : ليست بمنسوخة ، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فليطعمان مكان كلّ يوم مسكينا.
هذا ، وقد ذكر البخاري (٤) في (التفسير) : أنّ أنس بن مالك أطعم ـ بعد ما
__________________
(١) أخرجه البخاريّ في : التفسير ، ٢ ـ سورة البقرة ، ٢٦ ـ باب (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) ، حديث ١٩٧١.
ومسلم في : الصيام ، حديث ١٤٩ و ١٥٠.
(٢) أخرجه البخاريّ في : الصوم ، ٣٩ ـ (باب وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ).
(٣) أخرجه البخاريّ في : التفسير ، سورة البقرة ، ٢٥ ـ باب قوله (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) ، حديث ١٩٧٠.
(٤) أخرجه البخاريّ في : التفسير ، ٢ ـ سورة البقرة ، ٢٥ ـ باب قوله أياما معدودات.