ولهذا أخذ كثير من العلماء مشروعيّة التكبير في عيد الفطر من هذه الآية. حتى ذهب داود بن عليّ الأصبهانيّ الظاهريّ إلى وجوبه في عيد الفطر ، لظاهر الأمر في قوله (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) وفي مقابلته مذهب أبي حنيفة رحمهالله : أنه لا يشرع التكبير في عيد الفطر. والباقون على استحبابه. انتهى.
وفي (زوائد المشكاة) عن عبد الله بن عمر أنّه كان إذا غدا يوم الأضحى ويوم الفطر يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلّى. ثم يكبّر حتى يأتي الإمام. وفي رواية : رفعه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ؛ رواه الدارقطنيّ. وعن نافع أنّ ابن عمر كان يغدو إلى المصلّى يوم الفطر إذا طلعت الشمس فيكبّر حتى يأتي المصلّى ، ثم يكبّر بالمصلّي حتى إذا جلس الإمام ترك التكبير. رواه الشافعيّ.
قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعيّ : حديث أنه صلىاللهعليهوسلم كان يخرج يوم الفطر والأضحى رافعا صوته بالتهليل والتكبير حتى يأتي المصلى ، رواه الحاكم والبيهقيّ من حديث ابن عمر من طرق مرفوعا وموقوفا ، وصحّح وقفه. ورواه الشافعيّ موقوفا أيضا.
وفي الأوسط عن أبي هريرة مرفوعا : زينوا أعيادكم بالتكبير. إسناده غريب. انتهى.
وفائدة طلب الشكر في هذا الموضع ، هو أنّه تعالى ، لما أمر بالتكبير ، وهو لا يتم إلّا بأن يعلم العبد جلال الله وكبرياءه وعزته وعظمته ، وكونه أكبر من أن تصل إليه عقول العقلاء ، وأوصاف الواصفين ، وذكر الذاكرين. ثمّ يعلم أنه سبحانه ـ مع جلاله وعزّته واستغنائه عن جميع المخلوقات ، فضلا عن هذا المسكين ـ خصه الله بهذه الهداية العظيمة ـ لا بدّ وأن يصير ذلك داعيا للعبد إلى الاشتغال بشكره ، والمواظبة على الثناء عليه بمقدار قدرته وطاقته ، فلهذا قال (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أفاده الرازيّ.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (١٨٦)
(وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) قال الراغب : هذه الآية من تمام الآية الأولى. لأنه لما حث على تكبيره وشكره على ما قيّضه لهم من تمام الصوم ، بيّن أنّ