ماجة بعضه. وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عباس قال : حدثني عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم خيبر ، أقبل نفر من صحابة النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقالوا : فلان شهيد. فلان شهيد. حتى أتوا على رجل فقالوا : فلان شهيد. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كلا إني رأيته في النهار في بردة غلها أو عباءة. ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا ابن الخطاب! اذهب فناد في الناس إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون قال فخرجت فناديت : ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون. وكذا رواه مسلم (١) والترمذيّ. وروى أبو داود (٢) عن سمرة بن جندب قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا غنم غنيمة أمر بلالا فينادي في الناس فيجوزوا بغنائمهم فيخمسه ويقسمه ، فجاء رجل بعد ذلك بزمام من شعر فقال : يا رسول الله هذا فيما كنا أصبناه من الغنيمة. فقال : أسمعت بلالا ينادي ثلاثا؟ قال : نعم. قال : فما منعك أن تجيء؟ فاعتذر. فقال : كن أنت تجيء به يوم القيامة. فلن أقبله منك.
تنبيه :
من المفسرين من جعل الإتيان بالغلول يوم القيامة مجازا عن الإتيان بإثمه تعبيرا بما غلّ عما لزمه من الإثم مجازا. قال أبو مسلم : المراد أن الله تعالى يحفظ عليه هذا الغلول ويعزره عليه يوم القيامة ويجازيه لأنه لا يخفى عليه خافية. وقال أبو القاسم الكعبي : المراد أنه يشتهر بذلك ، مثل اشتهار من يحمل ذلك الشيء. وناقشهما الرازيّ بأن هذا التأويل يحتمل ، إلا أن الأصل المعتبر في علم القرآن أنه يجب إجراء اللفظ على الحقيقة ، إلا إذا قام دليل يمنعه منه ، وهاهنا لا مانع من الظاهر ، فوجب إثباته ـ انتهى. ومما يؤيده قوله صلىاللهعليهوسلم «له رغاء ، له حمحمة ...» إلخ الظاهر في الحقيقة زيادة في النكال.
(ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) تعطى جزاء ما كسبت وافيا ، وإنما عمم الحكم ولم يقل : ثم يوفى ما كسب ، ليكون كالبرهان على المقصود ، والمبالغة فيه ، فإنه إذا كان كل كاسب مجزيا بعمله ، فالغالّ ، مع عظم جرمه بذلك أولى (وَهُمْ) أي الناس المدلول عليهم بكل نفس (لا يُظْلَمُونَ) فلا ينقص ثواب مطيعهم ، ولا يزاد في عقاب عاصيهم.
__________________
(١) أخرجه مسلم في : الإيمان ، حديث ١٨٢.
(٢) أخرجه أبو داود عن عبد الله بن عمرو في : الجهاد ، ١٣٤ ـ باب في الغلول إذا كان يسيرا يتركه الإمام ولا يحرق رحله ، حديث ٢٧١٢ ، بهذا النص.
وأخرجه في المسند أيضا عن عبد الله بن عمرو ، حديث ٦٩٩٦.