عصمته. ثم أشار إلى وعيد الغلول بقوله (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي بعينه ، حاملا له على ظهره ، ليفتضح في المحشر ، كما روى الشيخان (١) عن أبي هريرة قال : قام فينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم ، فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره ، ثم قال : لا ألفينّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول : يا رسول الله أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئا قد أبلغتك ـ لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول : يا رسول الله أغثني فأقول : لا أملك لك شيئا قد أبلغتك ـ لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول : يا رسول الله أغثني فأفول : لا أملك لك شيئا قد أبلغتك ـ لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول : يا رسول الله أغثني فأقول : لا أملك لك شيئا قد أبلغتك ـ لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقاع تخفق فيقول : يا رسول الله أغثني فأقول : لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول : يا رسول الله أغثني فأقول : لا أملك لك شيئا قد بلغت ـ لفظ مسلم. وروى البخاريّ (٢) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : كان على ثقل رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجل يقال له (كركرة) فمات ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، هو في النار ، فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلّها ـ وعن زيد بن خالد الجهنيّ أن رجلا من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم توفي يوم خيبر ، فذكروا ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : صلوا على صاحبكم ، فتغيرت وجوه الناس لذلك ، فقال : إن صاحبكم غلّ في سبيل الله ، ففتشنا متاعه ، فوجدنا خرزا من خرز يهود لا يساوي درهمين ـ أخرجه أبو داود (٣) والنسائيّ ـ وروى عبد الله ابن الإمام أحمد (٤) عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يأخذ الوبرة من جنب البعير من المغنم فيقول : ما لي فيه إلا مثل ما لأحدكم منه. إياكم والغلول ، فإن الغلول خزي على صاحبه يوم القيامة ، أدوا الخيط والمخيط وما فوق ذلك. وجاهدوا في سبيل الله القريب والبعيد في الحضر والسفر. فإن الجهاد باب من أبواب الجنة. إنه لينجي الله تبارك وتعالى به من الهم والغم ، وأقيموا حدود الله في القريب والبعيد ، ولا تأخذكم في الله لومة لائم. وروى ابن
__________________
(١) أخرجه مسلم في : الإمارة ، حديث ٢٤.
(٢) أخرجه البخاريّ في : الجهاد ، ١٩ ـ باب القليل من الغلول.
(٣) أخرجه أبو داود في : الجهاد ، ١٣٣ ـ باب في تعظيم الغلول ، حديث ٢٧١٠.
(٤) أخرجه في المسند ٥ / ٣٣٠.