وروى البيهقيّ عن عكرمة عن ابن عباس في قوله (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ) قال : النعمة أنهم سلموا ، والفضل أن عيرا مرت في أيام الموسم ، فاشتراها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فربح فيها مالا ، فقسمه بين أصحابه.
قال ابن القيّم في (الهدى) : إن أبا سفيان قال عند انصرافه من أحد : موعدكم وإيانا العام القابل ببدر ، فلما كان شعبان ، وقيل ذو القعدة من العام القابل ، خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم لموعده في ألف وخمسمائة ، وكانت الخيل عشرة أفراس ، وحمل لواءه عليّ بن أبي طالب ، واستخلف على المدينة عبد الله بن رواحة ، فانتهى إلى بدر ، فأقام بها ثمانية أيام ينتظر المشركين ، وخرج أبو سفيان بالمشركين من مكة ، وهم ألفان ، ومعهم خمسون فرسا ، فلما انتهوا إلى مرّ الظهران ، مرحلة من مكة ، قال لهم أبو سفيان : إن العام عام جدب ، وقد رأيت أن أرجع بكم. فانصرفوا راجعين ، وأخلفوا الموعد ، فسميت هذه بدر الموعد ، وتسمى بدر الثانية ـ انتهى ـ.
قال ابن كثير : والصحيح أن الآية نزلت في شأن غزوة حمراء الأسد.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٧٥)
(إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ) أي قول الشيطان (يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) أي يخوفكم بقوله أولياءه الكفار ، وحينئذ فأولياءه ثاني مفعولي يخوف ، والأول محذوف ، أي يخوفكم أولياءه ، كما قرئ كذلك ، وقيل : لا حذف فيه ، والمعنى يخوف من يتبعه ، فأما من توكل على الله فلا يخافه (فَلا تَخافُوهُمْ) أي أولياءه (وَخافُونِ) في مخالفة أمري ورسولي (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فإن الإيمان يقتضي إيثار خوف الله تعالى على خوف غيره.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٧٦)
(وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) أي لا تهتم ولا تبال بما يلوح منهم من آثار الكيد للإسلام ومضرة أهله. وقرئ في السبع (يَحْزُنْكَ) بضم الياء وكسر الزاي (إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً) قال عطاء : يريد أولياء الله. نقله الرازيّ. قال أبو السعود :