صحف إبراهيم ، وتوراة موسى ، وإنجيل عيسى ، جميعها أنزلت فى شهر رمضان ، أو ما يقابله من تقويم الأمم.
* * *
٢٥. أبو بكر وعمر جمعا القرآن ، وعثمان كتب المصاحف
كان القرآن أيام النبىّ صلىاللهعليهوسلم فى صدور القرّاء متفرّقا ، وكتب الناس منه فى صحف ، وجريد ، ولخف (جمع لخاف وهى الحجارة البيض الرقاق) ، وظرر (جمع ظرار وهى الحجارة الرفيعة) ، وفى الخزف ، فلما استحرّ القتل بالقرّاء فى يوم اليمامة زمن الصدّيق ، وقتل منهم فى ذلك اليوم ـ كما قيل ـ سبعمائة ، أشار عمر بن الخطاب على أبى بكر بجمع القرآن ، مخافة أن يموت أشياخ القراء ، أو يستحر القتل فيهم فى الغزوات ، أو فى المواطن ، فجمعه غير مرتّب السور ، وكلّف بذلك زيد بن ثابت ، وتتبعه زيد ، وجمعه من الرقاع (جمع رقعة ، وقد تكون من الجلد) ، ومن صدور الرجال ، وأودع ما جمع عند أبى بكر ، فلما قارب أبو بكر الموت ، أودعها عند عمر ، فلما حانت وفاة عمر ، أودعها عند حفصة ابنته وأم المؤمنين.
* * *
٢٦. هل صحيح أنه عند وفاة النبىّ صلىاللهعليهوسلم لم يكن قد جمع القرآن إلا أربعة فقط؟
هذا الكلام قال به أنس بن مالك ، وكان عند وفاة الرسول صلىاللهعليهوسلم فى نحو العشرين من عمره ، وقال : «مات النبىّ صلىاللهعليهوسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبو الدرداء ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد». وأبو زيد هذا الذى يذكره أنس كان اسمه قيس بن السكن. وأنس وهو مسلم ـ قد أشنع فى الخطأ إذا كان قد قال ذلك ، ويقصد بجمع القرآن حفظه أو حتى كتابته ، فلقد كان حفّاظ القرآن كثيرين ، يرتلونه بألسنتهم ، وتعيه عقولهم ، ويضعونه من أنفسهم بين حنايا الصدور. وأين من كلام أنس أمثال : أبى بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلىّ ، وطلحة ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وحذيفة ، وسالم ، وأبى هريرة ، وعائشة ، وحفصة ، وأم سلمة ، وابن الزبير ، وابن السائب ، وأبىّ بن كعب ، ومجمع بن حارثة؟ وكان النبىّ صلىاللهعليهوسلم يأتمن على القرآن أربعة يخصّهم بالمرجعية فيه ، قال : «خذوا القرآن عن أربعة : عن عبد الله بن مسعود ، وسالم ، ومعاذ بن جبل ، وأبىّ بن كعب» رواه البخارى. وعن أبى داود برواية محمد بن كعب قال : جمع القرآن على عهد رسول الله خمسة من الأنصار : معاذ بن جبل ، وعبادة بن الصامت ، وأبىّ بن كعب ، وأبو الدرداء ، وأبو أيوب الأنصارى». ولما كانت وقعة بئر مؤتة فى حياة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، قتل من الحفاظ