أأمنت أن تكون أمك قد قارفت بعض ما تقارف نساء أهل الجاهلية ، فتفضحها على أعين الناس؟
قال عبد الله بن حذافة : والله! لو ألحقني بعبد أسود للحقته.
وروى ابن جرير (١) عن السدّي قال : غضب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوما من الأيام فقام خطيبا فقال : سلوني. ـ نحو ما تقدم ـ وزاد : فقام إليه عمر فقبل رجله وقال : رضينا بالله ربا ... إلخ.
وزاد : وبالقرآن إماما ، فاعف عنا عفا الله عنك. فلم يزل به حتى رضي.
وأخرج أيضا عن أبي هريرة قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو غضبان محمارّ وجهه حتى جلس على المنبر. فقام إليه رجل فقال : أين أنا؟ قال : في النار. ـ نحو ما مرّ ـ وفيه : فنزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا ..) الآية.
قال الحافظ ابن حجر في (الفتح): وبهذه الزيادة ـ أي على ما في البخاريّ من قول رجل للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : أين أنا؟ قال : في النار. ـ يتضح أن هذه القصة سبب نزول : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ ...) الآية ، فإن المساءة في حق هذا جاءت صريحة ، بخلافها في حق حدافة فإنه بطريق الجواز ، أي : لو قدر أنه في نفس الأمر لم يكن لأبيه ، فبيّن أباه الحقيقيّ ، لافتضحت أمه ، كما صرحت بذلك أمه حين عاتبته على هذا السؤال. انتهى.
وروى الإمام أحمد (٢) والترمذيّ (٣) عن أبي البختريّ عن عليّ رضي الله عنه قال : لما نزلته هذه الآية (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) قالوا : يا رسول الله! أفي كل عام؟ فسكت ، فقالوا : أفي كلّ عام؟ فسكت ، قال ثم قالوا : أفي كلّ عام؟ فقال : لا. ولو قلت نعم لوجبت. ولو وجبت لما استطعتم. فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا ...) الآية.
قال الترمذيّ : غريب وسمعت البخاريّ يقول : أبو البختريّ لم يدرك عليّا.
وروى ابن جرير ونحوه عن أبي هريرة (٤) وأبي أمامة (٥) ، وكذا عن ابن عباس (٦) ،
__________________
(١) الأثر رقم ١٢٨٠٢ من التفسير.
(٢) أخرجه في المسند ١ / ١١٣ والحديث رقم ٩٠٥.
(٣) أخرجه الترمذي في : التفسير ، ٥ ـ سورة المائدة ، ١٥ ـ حدثنا أبو سعيد الأشجّ.
(٤) الأثر رقم ١٢٨٠٤ من التفسير.
(٥) الأثر رقم ١٢٨٠٧ من التفسير.
(٦) الأثر رقم ١٢٨٠٨ من التفسير.