بأنهم عصاة مستوجبون للعذاب العظيم. ووجه التعريض إسناد ما هو معلوم الانتفاء ، ب (إن) التي تفيد الشك تعريضا. وجيء بالماضي إبرازا له في صورة الحاصل على سبيل الفرض ، تعريضا بمن صدر عنهم ذلك. وحيث كان تعريضا لهم ، والمراد تخويفهم إذا صدر منهم ذلك ـ لم يكن فيه دلالة على أنه يخاف هو صلىاللهعليهوسلم على نفسه المعصية ، مع أنه معصوم. كما لا يتوهم مثله في قوله : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [الزمر : ٦٥]. وحينئذ فلا حاجة إلى ما أجيب عن ظاهر دلالته على ما ذكر ، بأن الخوف تعلق بالعصيان الممتنع الوقوع امتناعا عاديّا ، فلا يدل إلا على أنه يخاف لو صدر عنه العصيان. وهذا لا يدل على حصول الخوف.
قال بعضهم : لا يقال على تقدير العصيان ، يكون الجواب هو استحقاق العذاب ، لا الخوف. لأنا نقول : لا منافاة بينهما. فالخوف إما على حقيقته ، أو كناية عن الاستحقاق. انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى :
(مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ)(١٦)
(مَنْ يُصْرَفْ) بالبناء للمفعول ، أي العذاب ، (عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ) أي نجاه وأنعم عليه ، أو أدخله الجنة ، لقوله : (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ) [آل عمران : ١٨٥]. وقوله تعالى : (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ) [الشورى : ٨]. والجملة مستأنفة ، مؤكدة لتهويل العذاب.
(وَذلِكَ) أي الصرف أو الرحمة ، (الْفَوْزُ الْمُبِينُ) أي : الظاهر.
ثم ذكر تعالى دليلا آخر ، في أنه لا يجوز للعاقل أن يتخذ وليا غير الله تعالى ، بقوله :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(١٧)
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ) أي ببلية ، كفقر ومرض ونحوهما. و (الضر) : اسم جامع لما ينال الإنسان من مكروه ، (فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) أي : فلا يقدر على دفعه إلا هو وحده. (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ) من عافية ورخاء ونحوهما : و (الخير) اسم جامع