والحاكم عن عبد الله بن عمر قال : «لم يكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي اللهم! إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي ، وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ، اللهم! احفظني من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي». ورواه البزار عن ابن عباس
فائدة :
قال الجشمي : تدل الآية أنه سأل الإنظار ، وأنه تعالى أنظره ، وقد بينا ما قيل فيه. وتدل على شدة عداوته لبني آدم وحرصه على إضلالهم. وتدل على أن أكثر بني آدم غير شاكرين. وتدل على أن الإضلال فعل إبليس ، والقبول عنه فعلهم ، لذلك أضافه إليهم ، وذمّهم عليه ، ولو كان خلقا له لما صح ذلك. ـ انتهى ـ والكلام في أمثالها معروف.
ثم أكد تعالى على إبليس اللعنة والطرد والإبعاد عن محل الملأ الأعلى ، بقوله سبحانه :
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) (١٨)
(قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً) بالهمزة في القراءة المشهورة ، من (ذأمه) إذا حقره وذمه ، وقرئ (مذوما) بذال مضمومة وواو ساكنة ، وهي تحتمل أن تكون مخففة من المهموز بنقل حركة الهمزة إلى الساكن ثم حذفها ، وأن تكون من المعتلّ ، وكان قياسه (مذيم) كمبيع. إلا أنه أبدلت الواو من الياء ، على حدّ قولهم (مكول) في مكيل ، و (مشوب) في مشيب. (مَدْحُوراً) مقصيّا مطرودا (لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ) اللام فيه ، لتوطئة القسم. وجوابه (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) أي : لمن أطاعك من الجن والإنس ، لأملأن جهنم من كفاركم ، كقوله تعالى : (قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً) [الإسراء : ٦٣].
قال الجشميّ : وإنما قال ذلك لأنه لا يكون في جهنم إلا إبليس وحزبه من الشياطين ، وكفار الإنس وفسّاقهم ، الذين انقادوا له وتركوا أمر الله لأمره ، فجمعهم في الخطاب. ومتى قيل : لم ضيّق جهنم ووسع الجنة؟ قلنا : لأن جهنم حبس ، والجنة دار ملك. ومتى قيل : فما الفائدة في قوله (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ) قلنا : لطفا ليكون