المكلف تبعا للأنبياء دون الشياطين ، ولطفا لإبليس وحزبه ، لأنه غاية في الزجر والنهي.
تنبيه :
قال الجشمي : تدل الآية على الوعيد لمن تبع إبليس ، وأنه يملأ جهنم منهم ، ولا بدّ فيه من شرط ، وهو أن لا يتوب ، أو لا يكون معه طاعة أعظم. وتدل على إذلال إبليس وطرده ولعنه بسبب عصيانه ، تحذيرا عن مثل حاله.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) (١٩)
قوله تعالى : (وَيا آدَمُ) أي : وقلنا يا آدم (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) أي جنة الخلد ، أو جنة في الأرض.
قال الجشمي : وقد تقدم ذكر هذه القصة ، والفائدة في إعادتها أن القرآن نزل في بضع وعشرين سنة ، والعوارض تعرض ، والوفود تقدم ، فكانت القصة تعاد ، ليسمع من لم يسمع ، استصلاحا ولطفا. لأن في إعادة قصة واحدة ، في مواضع بألفاظ مختلفة ، كل واحد منها في نهاية الحسن ، من إعجاز القرآن. (فَكُلا مِنْ حَيْثُ) أي من كل مكان (شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) أي فتصير من الذين ظلموا أنفسهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) (٢٠)
(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ) أي : إبليس بأكل الشجرة مخيلا لهما النفع (لِيُبْدِيَ لَهُما) أي : يظهر لهما (ما وُورِيَ) أي : ستر (عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما) أي : عوراتهما ، واللام في (لِيُبْدِيَ) إما للعاقبة ، لأنه لم يعلم صدوره منهما ، أي : فكان عاقبة وسوسته أن أظهر سوآتهما ، أو للتعليل والغرض ، وهو الأصل فيها ، بناء على حدسه أو علمه بطريق ما.