طريق الساحل ، فنجت. فقيل لأبي جهل : ارجع ، فأبى وسار إلى بدر. فشاور صلىاللهعليهوسلم أصحابه وقال لهم : إن الله وعدني إحدى الطائفتين ، فوافقوه على قتال النفير ، وكره بعضهم ذلك ، وقالوا : لم نستعد له ، كما قال تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) (٦)
(يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِ) وهو الجهاد وتلقي النفير (بَعْدَ ما تَبَيَّنَ) أي ظهر لهم أنهم ينصرون فيه (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) أي يكرهون القتال كراهة من يساق إلى الموت ، وهو ناظر إلى أسبابه ، وكان ذلك لقلة عددهم ، وعدم تأهبهم. إذ روي أنهم كانوا ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا ، فيهم فارسان ، المقداد والزبير. وقيل الأول فقط. والمشركون ألف ، ذوو عدّة وعدّة وفيه تعريض بأنهم إنما يسار بهم إلى الظفر والغنيمة للوعد الحق.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) (٧)
(وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ) العير أو النفير (أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ) أي تحبون (أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ) وهو العير ، لا ذات الشوكة ، وهي النفير. والشوكة : السلاح أو حدته (وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَ) أي يثبته ويعليه ، وهو دعوة رسوله (بِكَلِماتِهِ) أي بآياته المنزلة ، وأوامره في هذا الشأن (وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) أي يستأصلهم ، فلا يبقى منهم أحدا.
ثم بيّن تعالى الحكمة في اختيار ذات الشوكة لهم ونصرتهم عليها ، بقوله :
القول في تأويل قوله تعالى :
(لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) (٨)
(لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ) أي ليثبت الدين الحق ، ويمحق الدين الباطل ، باستئصال أهله ، مع ظهور شوكتهم (وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) أي المشركون ذلك.
ثم ذكرهم تعالى التجاءهم إليه ، واستمدادهم منه النصر يوم بدر ، وإمداده حينئذ بقوله سبحانه :