فقد اتبع الهدى ، فظهر الفرق. وكذا قال المبرد : إن التسمية افتتاح للخير ، وأول هذه السورة وعيد ونقض عهود ، فلذلك لم تفتتح بالتسمية.
٢ ـ عن ابن عباس قال : قلت لعثمان : ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال ، وهي من المثاني ، وإلى براءة وهي من المئين ، فقرنتم بينهما ، ولم تكتبوا سطر البسملة ، ووضعتموها في السبع الطوال ، ما حملكم على ذلك؟ قال عثمان : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم كثيرا ما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد ، وكان إذا نزل عليه شيء دعا بعض من كان يكتب فيقول : ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وإذا نزلت عليه الآية يقول : ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وكانت (الأنفال) من أوائل ما نزل بالمدينة ، وكانت (براءة) من آخر القرآن نزولا ، وكانت قصتها شبيهة بقصتها ، وظننت أنها منها. وقبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يبين لنا أنها منها أو من غيرها ، من أجل ذلك قرنت بينهما ، ولم أكتب البسملة ، ووضعتها في السبع الطوال. أخرجه أبو داود (١) والترمذي (٢) وقال : حديث حسن ورواه الإمام أحمد (٣) والنسائي وابن حبان في صحيحه ، والحاكم وصححه.
قال الزجاج : والشبه الذي بينهما أن في (الأنفال) ذكر العهود ، وفي (براءة) نقضها.
٣ ـ أخرج أبو الشيخ عن أبي روق قال : (الأنفال) و (براءة) سورة واحدة. ونقل مثله عن مجاهد ، وأخرجه ابن أبي حاتم عن سفيان. وقال ابن لهيعة : يقولون إن (براءة) من (الأنفال) ، ولذلك لم تكتب البسملة في (براءة) ، وشبهتهم اشتباه الطرفين ، وعدم البسملة. ويردّه تسمية النبيّ صلىاللهعليهوسلم كلا منهما.
وقال الحاكم : استفاض النقل أنهما سورتان.
وقال أبو السعود : اشتهارها بهذه الأسماء ـ يعني الأربعة عشر اسما المتقدمة ـ يقضي بأنها سورة مستقلة ، وليست بعضا من سورة الأنفال ، وادعاء اختصاص الاشتهار بالقائلين باستقلالها ، خلاف الظاهر ، انتهى.
__________________
(١) أخرجه أبو داود في : الصلاة ، ١٢٢ ـ باب من لم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، باب من جهر بها ، حديث رقم ٧٨٦.
(٢) أخرجه الترمذي في : التفسير ، ٩ ـ سورة التوبة ، ١ ـ حدثنا محمد بن بشار.
(٣) أخرجه في المسند ١ / ٥٧ ، حديث ٣٩٩.