ونقل صاحب (الإقناع) أن البسملة ثابتة (لبراءة) في مصحف ابن مسعود ، قال : ولا يؤخذ بهذا.
وعن مالك : أن أولها لما سقط ، سقط معه البسملة ، فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها. كذا في (الإتقان).
ثم اعلم أن القراء أجمعوا على ترك قراءة البسملة في أول هذه السورة اتباعا لسقوطها في الرسم من مصحف الإمام ، إلا ابن مناذر ، فإنه يسمي في أولها ، كما في مصحف ابن مسعود.
وقال السخاوي في (جمال القراء) : إنه اشتهر تركها في أول براءة.
وروي عن عاصم التسمية في أولها ، وهو القياس. لأن إسقاطها ، إما لأنها نزلت بالسيف أو لأنهم لم يقطعوا بأنها سورة مستقلة ، بل من الأنفال. ولا يتم الأول ، لأنه مخصوص بمن نزلت فيه ، ونحن إنما نسمي للتبرك. وأما الابتداء بما بعد أول براءة ، فلا نصّ للمتقدمين من أئمة القراء فيه ، وظاهر إطلاق كثير التخيير فيها ، واختار السخاوي الجواز ، وقال : ألا ترى أنه يجوز بغير خلاف أن يقول : بسم الله الرحمن الرحيم (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ) [التوبة : ٣٦]. وإلى منعها ذهب الجعبري ، وتعقبه السخاويّ فقال : إن كان نقلا فمسلّم ، وإلا فردّ عليه ، لأنه تفريع على غير أصل.
وقال ابن الجزري في (النشر) : من اعتبر بقاء أثر العلة التي من أجلها حذفت البسملة أولها ، وهي نزولها بالسيف ، لم يبسمل. ومن لم يعتبر ذلك ، أو لم يرها ، بسمل بلا نظر. والله أعلم.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١)
(بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) خبر لمحذوف ، وتنوينه للتفخيم. أي هذه براءة. أو مبتدأ مخصص بصفة ، وخبره (إِلَى الَّذِينَ). و (البراءة) في اللغة انقطاع العصمة ، يقال : برئت من فلان براءة ، أي انقطعت بيننا العصمة ، ولم يبق بيننا علقة.
فإن قيل : حق البراءة أن تنسب إلى المعاهد ، فلم لم تنسب إليهم ، ونسبت إلى الله ورسوله؟