وقراءته (كسكّر) على معنى الحبل المذكور ، رواها مجاهد وعكرمة عن ابن عباس ، واختارها سعيد بن جبير.
قال الزمخشري : وعن ابن عباس رضي الله عنه ، أن الله أحسن تشبيها من أن يشبه بالجمل ، أن الحبل مناسب للخيط الذي يسلك في سم الإبرة ، والبعير لا يناسبه ، إلا أن قراءة العامة أوقع ، لأن سمّ الإبرة مثل في ضيق المسلك ، يقال : أضيق من خرت الإبرة.
وقالوا للدليل الماهر (خرّيت) للابتداء به في المضايق المشبهة بأخرات الإبر ، والجمل مثل في عظم الجرم ، قال :
جسم الجمال وأحلام العصافير
إن الرجال ليسوا بجزر تراد منهم الأجسام ، فقيل : لا يدخلون الجنة حتى يكون ما لا يكون أبدا من ولوج هذا الحيوان ، الذي لا يلج إلا في باب واسع ، في ثقب الإبرة.
وعن ابن مسعود : أنه سئل عن الجمل؟ فقال : زوج الناقة ، استجهالا للسائل ، وإشارة إلى أن طلب معنى آخر تكلّف ـ انتهى.
وحاصله أن الجمل لما كان مثلا في عظم الجسم ، لأنه أكثر الحيوانات جسما عند العرب ، وخرق الإبرة مثلا في الضيق ، ظهر التناسب. على أن في إيثار الجمل ، وهو مما ليس من شأنه الولوج في سم الإبرة ، مبالغة في استبعاد دخولهم الجنة.
الثانية ـ (السّم) : الثقب الضيق. قال أبو البقاء : بفتح السين وضمها ، لغتان ـ انتهى وصح بالتثليث فيه ، وفي القاتل المعروف ، صاحب القاموس وغيره ، إلا أنهم قالوا : المشهور في الثقب الفتح كما في التنزيل. والأفصح في القاتل الضم.
قال العلامة الفاسي : قال الزبيديّ : لم أر من تعرض لكسرهما ، وكأنها عامية.
قلت : قال الزمخشري : وقرئ (فِي سَمِّ الْخِياطِ) بالحركات الثلاث ، وكفى به مرجعا.
الثالثة ـ (الخياط) ككتاب ومنبر ، ما خيط به الثوب ، والإبرة ـ كذا في القاموس ـ قال الزمخشري : وقرأ عبد الله (في سم المخيط). قال الشهاب : بكسر الميم وفتحها ، كما ذكره المعرب ، وهي قراءة شاذة.
الرابعة ـ قال السيوطيّ في (الإكليل) : في قوله تعالى (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ ...) إلخ. جواز فرض المحال ، والتعليق عليه كما يقع كثيرا للفقهاء ـ انتهى ـ.