بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
القول في تأويل قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (١)
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) يأمر تعالى عباده بتقواه التي هي من جوامع الكلم ، في فعل المأمورات واجتناب المنهيات.
قال المهايمي : أي احفظوا تربيته عليكم ، بصرف نعمه إلى ما خلقها لأجله ، لئلا تقعوا في الكفران الموجب لانقلاب التربية عليكم ، بالانتقام منكم. انتهى.
أي فالتعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن المالكية والتربية ، مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين ، لتأييد الأمر وتأكيد إيجاب الامتثال به ترغيبا وترهيبا. أي احذروا عقوبة مالك أموركم ومربيكم ، وقوله تعالى (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) تعليل لموجب الأمر ، بذكر بعض عقوباته الهائلة. فإن ملاحظة عظمها وهولها ، وفظاعة ما هي من مبادئه ومقدماته ، من الأحوال والأهوال ، التي لا ملجأ منها سوى التدرع بلباس التقوى ، مما يوجب مزيد الاعتناء بملابسته وملازمته لا محالة. و (الزلزلة) التحريك الشديد والإزعاج العنيف ، بطريق التكرير بحيث يزيل الأشياء من مقارّها ويخرجها عن مراكزها. وإضافتها للساعة ، من إضافة المصدر إلى فاعله مجازا ، كأنها هي التي تزلزل. أو إلى ظرفه ، وهي الزلزلة المذكورة في قوله تعالى : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) [الزلزلة : ١] ، وفي التعبير عنها ب (الشيء) ، إيذان بأن العقول قاصرة عن إدراك كنهها ، والعبارة لا تحيط بها إلا على وجه الإبهام. أفاده أبو السعود.
وقد وصف عظمها في كثير من السور والآيات. كسورة التكوير وسورة الانفطار وسورة الانشقاق وسورة الزلزال وغيرها. وقد أشير إلى شيء من بليغ هولها بقوله سبحانه :