ـ عزوجل ـ بين المحق والمبطل ، وبين المهتدى والضال ..
هذا اليوم (مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) أى : وقت اجتماعهم للحساب جميعا دون أن يتخلف منهم أحد.
ثم وصف ـ سبحانه ـ هذا اليوم بقوله : (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ).
وقوله : (يَوْمَ لا يُغْنِي ...) بدل من يوم الفصل. والمولى : يطلق على القريب والصديق والناصر ..
أى : في هذا اليوم ، وهو يوم الفصل ، لن يستطيع قريب أن ينفع قريبه ، أو صديق أن ينفع صديقه شيئا من النفع ، ولا هم ينصرون من عذاب الله ـ تعالى ـ إذا ما أراد ـ سبحانه ـ إنزال عذابه بهم.
وقوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ ...) في محل رفع على أنه بدل من ضمير (يُنْصَرُونَ). أو في محل نصب على الاستثناء منه أى : لا يستطيع صديق أن يدفع العذاب عن صديقه ، ولا قريب أن ينفع قريبه أو ينصره ، إلا من رحمهالله ـ تعالى ـ ، وذلك بأن يعفو ـ سبحانه ـ عنه ، أو يقبل شفاعة غيره فيه.
(إِنَّهُ) ـ سبحانه ـ هو (الْعَزِيزُ) الذي لا يغلب (الرَّحِيمُ) الذي وسعت رحمته كل شيء.
ثم بين ـ سبحانه ـ طعام أهل النار وحالهم يوم القيامة فقال : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ. طَعامُ الْأَثِيمِ. كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ، كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ..).
والمراد بشجرة الزقوم : الشجرة التي خلقها الله ـ تعالى ـ في جهنم ، وسماها الشجرة الملعونة ، ليكون طعام أهل النار منها.
ولفظ الزقوم : اسم لتلك الشجرة ، أو من الزقم بمعنى الالتقام والابتلاع للشيء.
والأثيم : الكثير الآثام والسيئات. والمراد به الكافر لدلالة ما قبله عليه.
والمهل : هو النحاس المذاب ، أو رديء الزيت الحار.
أى : إن الشجرة الملعونة التي هي شجرة الزقوم ، خلقها الله ـ تعالى ـ لتكون طعاما للإنسان الكافر ، الكثير الآثام والجرائم ..
فتنزل في بطنه كما ينزل النحاس الحار المذاب ، فيغلي فيها كغلي الماء البالغ نهاية الحرارة.
فقوله : (كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) نعت لمصدر محذوف. أى : غليا كغلي الحميم.