(وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) أى : وليس لكم من ناصرين ينصرونكم ، ويخففون عنكم هذا العذاب الذي حل بكم.
ثم بين ـ سبحانه ـ الأسباب التي أدت بهم إلى هذا المصير السيئ فقال : (ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ هُزُواً).
أى : ذلكم العذاب المبين الذي نزل بكم سببه أنكم استهزأتم بآيات القرآن الكريم ، وسخرتم منها ، وكذبتم من جاء بها.
(وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) أى : وخدعتكم الحياة الدنيا بزخارفها ومتعها وشهواتها.
(فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها) أى : من النار.
(وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) أى : ولا هم يطلب منهم أن يرضوا ربهم ، بأن يتوبوا إليه مما كان منهم من كفر وفسوق في الدنيا ، لأن التوبة قد فات أوانها.
فقوله : (يُسْتَعْتَبُونَ) من العتب ـ بفتح العين وسكون التاء ـ وهي الموجدة. يقال : عتب عليه يعتب ، إذا وجد عليه ، فإذا فاوضه فيما عتب عليه فيه ، قيل : عاتبه.
والمقصود من الآية الكريمة أن هؤلاء الكافرين لا يقبل منهم في هذا اليوم عذر أو توبة.
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بقوله : (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ) أى : فلله ـ تعالى ـ وحده الحمد والثناء (رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ) لا رب سواه ولا خالق غيره.
(وَلَهُ الْكِبْرِياءُ) أى : العظمة والسلطان والجلال (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
قال ابن كثير : أى : هو العظيم الممجد الذي كل شيء خاضع لديه. فقير إليه وفي الحديث الصحيح يقول الله ـ تعالى ـ : «العظمة إزارى ، والكبرياء ردائي ، فمن نازعنى واحدا منهما أسكنته ناري».
(وَهُوَ الْعَزِيزُ) أى : الذي لا يغالب ولا يمانع ، (الْحَكِيمُ) في أقواله وأفعاله (١).
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٨ ص ٢٥٧.