(ذلِكَ) العطاء الجزيل (هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) الذي لا يدانيه فوز.
(وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) فيقال لهم على سبيل التوبيخ والتقريع والزجر :
(أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ) أى : أفلم تأتكم رسلي بآياتى الدالة على وحدانيتي وعلى صدقهم فيما يبلغونه عنى؟ بلى لقد جاءكم رسلي بآياتى.
(فَاسْتَكْبَرْتُمْ) عن الاستماع إليهم ، وعن الاستجابة لهم ، واتباع دعوتهم.
(وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ) أى : وكنتم في الدنيا قوما عادتكم الإجرام ، واجتراح السيئات ، واقتراف المنكرات.
(وَإِذا قِيلَ) لكم في الدنيا (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) أى : إن ما وعد الله ـ تعالى ـ به من البعث والحساب حق وصدق (وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها) أى : لا شك فيها.
(قُلْتُمْ) على سبيل العناد والجحود (ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ) أى : قلتم على سبيل الإنكار لها ، والاستبعاد لحصولها : لا نعرف أن هناك شيئا اسمه الساعة ، ولا نعترف بها اعترافا يدل على إيماننا بها.
(إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) أى : كنتم في الدنيا تقولون : لا نوقن ولا نؤمن بحدوث الساعة ، ولكنا نظن ونتوهم أن هناك شيئا اسمه الساعة ، وما نحن بمستيقنين بإتيانها.
ولعل هذا الكلام الذي حكاه القرآن الكريم عنهم ، هو كلام الشاكين المتحيرين من الكافرين أما الجاحدون منهم فهم الذين حكى القرآن عنهم أنهم قالوا : (ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ ..).
ثم بين ـ سبحانه ـ ما ترتب على هذه الأقوال الباطلة من نتائج فقال : (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) أى : وظهر لهؤلاء الكافرين سيئات أعمالهم على حقيقتها التي كانوا لا يتوقعونها.
(وَحاقَ بِهِمْ) أى : وأحاط ونزل بهم (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أى : في الدنيا ، فقد كانوا في الدنيا ينكرون البعث والحساب والجزاء ويستهزئون بمن يحدثهم عن ذلك. فنزل بهم العذاب المهين ، جزاء استهزائهم وإنكارهم.
(وَقِيلَ) لهم على سبيل التأنيب والزجر (الْيَوْمَ نَنْساكُمْ) أى : نهملكم ونترككم في النار (كَما نَسِيتُمْ) أنتم في الدنيا وأنكرتم (لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) وهو يوم القيامة (وَمَأْواكُمُ النَّارُ) أى : ومسكنكم الذي تأوون إليه النار وبئس القرار.