خاسِرِينَ (١٨) وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٩) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) (٢٠)
والاسم الموصول في قوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما ..) بمعنى الذين ، وهو مبتدأ وخبره قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ..) وهذا صريح في أن المراد بقوله : (وَالَّذِي) العموم وليس الإفراد ، وهذا يدل ـ أيضا ـ على فساد قول من قال إن الآية نزلت في شأن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق ـ رضى الله عنهما ـ ، والصحيح أنها في حق كل كافر عاق لوالديه ، منكر للبعث.
قال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية : وهذا عام في كل من قال هذا ، ومن زعم أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبى بكر ، فقوله ضعيف ، لأن عبد الرحمن أسلم بعد ذلك ، وحسن إسلامه ، وكان من خيار أهل زمانه.
أخرج البخاري عن يوسف بن ماهك قال : كان مروان على الحجاز ، استعمله معاوية بن أبى سفيان ، فخطب وجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه.
فقال له عبد الرحمن بن أبى بكر شيئا .. فقال مروان : إن هذا الذي أنزل فيه : (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما ..).
فقالت عائشة من وراء حجاب : ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن ، إلا أن الله أنزل عذري. وفي رواية للنسائى أنها قالت : كذب مروان ، والله ما هو به ، ولو شئت أن أسمى الذي نزلت فيه لسميته .. (١).
ولفظ «أف» : اسم صوت ينبئ عن التضجر ، أو اسم فعل مضارع هو أتضجر.
والمقصود به هنا : إظهار الملل والتأفف والكراهية لما يقوله أبواه من نصح له.
وقوله : (أَتَعِدانِنِي) فعل مضارع من وعد الماضي ، وحذف واوه في المضارع مطرد.
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٧ ص ٢٦٦ والآلوسى ج ٢٦ ص ٢٠.