والشعوب : جمع شعب ، وهو العدد الكثير من الناس يجمعهم ـ في الغالب أصل واحد.
والقبائل : جمع قبيلة وتمثل جزءا من الشعب ، إذ أن الشعب مجموعة من القبائل.
قال صاحب الكشاف : والشعب الطبقة الأولى من الطبقات الست التي عليها العرب.
وهي : الشعب ، والقبيلة ، والعمارة ، والبطن ، والفخذ ، والفصيلة .. وسميت الشعوب بذلك ، لأن قبائل تشعبت منها .. (١).
والمعنى : خلقناكم ـ أيها الناس ـ من ذكر وأثنى ، وجعلناكم شعوبا وقبائل (لِتَعارَفُوا) أى : ليعرف بعضكم نسب بعض ، فينتسب كل فرد إلى آبائه ، ولتتواصلوا فيما بينكم وتتعاونوا على البر والتقوى ، لا ليتفاخر بعضكم على بعض بحسبه أو نسبه أو جاهه.
وقوله ـ سبحانه ـ : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) تعليل لما يدل عليه الكلام من النهى عن التفاخر بالأنساب.
أى : إن أرفعكم منزلة عند الله ، وأعلاكم عنده ـ سبحانه ـ درجة .. هو أكثركم تقوى وخشية منه ـ تعالى ـ فإن أردتم الفخر ففاخروا بالتقوى وبالعمل الصالح.
(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) بكل أحوالكم (خَبِيرٌ) بما ترونه وتعلنونه من أقوال وأفعال.
وقد ساق الإمام ابن كثير ـ رحمهالله ـ عند تفسيره لهذه الآية. جملة من الأحاديث التي تنهى عن التفاخر ، وتحض على التقوى ، فقال : فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء سواء ، وإنما يتفاضلون بالأمور الدينية ، وهي طاعة الله ورسوله ..
روى البخاري ـ بسنده ـ عن أبى هريرة قال : سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم أى الناس أكرم؟ قال : «أكرمهم أتقاهم قالوا : ليس عن هذا نسألك قال : فأكرم الناس يوسف نبي الله ، ابن خليل الله ، قالوا : ليس عن هذا نسألك. قال : فعن معادن العرب تسألونى؟ قالوا : نعم. قال : فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا».
وروى مسلم عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
وأخرج ابن أبى حاتم عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطب الناس يوم فتح مكة فقال : «يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عبيّة الجاهلية ـ أى تكبرها ، وتعظمها بآبائها ، فالناس رجلان : رجل يرتقى كريم على الله ، وفاجر شقي هين على الله. إن الله ـ تعالى ـ
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٤ ص ٣٧٤.