عن طريق ما أودع فيهم من عقول : وما أنزله لهم من شرائع ، وما حباهم به من أرزاق ...
ووبخت الكافرين على كفرهم مع كل هذه النعم التي أنعم بها عليهم ، وبينت ما سيكونون عليه يوم القيامة من حسرة وندامة ، وما سيكون عليه المؤمنون الصادقون من فرح وحبور.
قال ـ تعالى ـ : (تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ. ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ، وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ، إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ).
٥ ـ ثم واصلت السورة حديثها عن مظاهر قدرة الله ـ تعالى ـ وعن ألوان نعمه على خلقه ، فتحدثت عن فضله ـ تعالى ـ في قبوله لتوبة التائبين ، وعفوه عن سيئاتهم ، وإجابته لدعائهم وإنزاله الغيث عليهم من بعد قنوطهم ويأسهم ، وخلقه السموات والأرض وما فيهما من أجل مصلحة الناس ومنفعتهم ، ورعايته لهم وهم في سفنهم داخل البحر.
قال ـ تعالى ـ : (وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ. إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ. أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ).
٦ ـ ثم بين ـ سبحانه ـ صفات المؤمنين الصادقين ، وأثنى عليهم ثناء عاطرا ، يحمل العقلاء على الاقتداء بهم ، وعلى التحلي بصفاتهم.
قال ـ سبحانه ـ : (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ ، وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ. وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ ، وَأَقامُوا الصَّلاةَ ، وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ. وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ، وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ، فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ).
٧ ـ وكعادة القرآن في المقارنة بين عاقبة الأشرار وعاقبة الأخيار ، أتبع القرآن هذه الصفات الكريمة للمؤمنين ، ببيان الأحوال السيئة التي سيكون عليها الظالمون يوم القيامة ، ودعتهم إلى الدخول في الدين الحق من قبل فوات الأوان.
قال ـ تعالى ـ : (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ ، ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ).
٨ ـ ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة ببيان جانب من مظاهر فضله على رسوله صلىاللهعليهوسلم فقال :