(وَيَحْسَبُونَ) أى : هؤلاء الكافرون (أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) إلى السبيل الحق. فالضمائر في قوله (وَيَحْسَبُونَ) وما بعده يعود إلى الكافرين.
ويصح أن يكون الضمير في قوله (وَيَحْسَبُونَ) يعود إلى الكفار ، وفي قوله (أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) يعود إلى الشيطان ، فيكون المعنى :
ويظن هؤلاء الكافرون أن الشياطين مهتدون إلى الحق ، ولذلك اتبعوهم وأطاعوهم.
ثم بين ـ سبحانه ـ ما يكون بين هذا الإنسان الكافر وبين قرينه من الشياطين يوم القيامة ، فقال ـ تعالى ـ : (حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ).
أى : لقد استمر هذا المعرض عن ذكر الله في غيه. ومات على ذلك حتى إذا جاءنا يوم القيامة للحساب والجزاء ، (قالَ) لقرينه الذي صده عن طريق الحق ..
(يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) أى : أتمنى أن تكون المسافة التي بيني وبينك من البعد والمفارقة ، كالمسافة التي بين المشرق والمغرب.
فالمراد بالمشرقين المشرق والمغرب فعبر ـ سبحانه ـ بالمشرقين على سبيل التغليب لأحدهما على الآخر.
(فَبِئْسَ الْقَرِينُ) أى : فبئس القرين أنت ـ أيها الشيطان ـ فالمخصوص بالذم محذوف.
ثم بين ـ سبحانه ـ بعد ذلك ما سيقال لهذا العاشى عن ذكر الله ولقرينه على سبيل التأنيب والتوبيخ فقال : (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ ...).
والضمير في قوله : (يَنْفَعَكُمُ) يعود إلى التمني المذكور في قوله : (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ ...) و (إِذْ) ظرف لما مضى من الزمان ، بدل من (الْيَوْمَ).
أى : ولن ينفعكم ندمكم وتمنيكم اليوم شيئا ، بعد أن تبين لكم أنكم كنتم ظالمين في الدنيا ، ومصرين على الكفر والضلال.
وقوله : (أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) تعليل لما قبله. أى : ولن ينفعكم اليوم تمنيكم وندمكم لأنكم في هذا اليوم أنتم وقرناءكم مشتركون في العذاب ، كما كنتم في الدنيا مشتركين في سببه ، وهو الكفر والضلال.
قال صاحب الكشاف ما ملخصه : قوله : (أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) في محل الرفع على الفاعليه. يعنى : ولن ينفعكم كونكم مشتركين في العذاب كما ينفع الواقعين في الأمر