والمراد بالعلم : العلامة ، واللام في قوله (لِلسَّاعَةِ) بمعنى على. والكلام على حذف مضاف.
والمعنى : وإن عيسى ـ عليهالسلام ـ عند نزوله من السماء في آخر الزمان حيا ، ليكونن علامة على قرب قيام الساعة ، ودليلا على أن نهاية الدنيا توشك أن تقع ..
قال الآلوسى : (وَإِنَّهُ) أى : عيسى عليهالسلام ـ (لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) أى : أنه بنزوله شرط من أشراطها.
وقد نطقت الأخبار بنزوله ـ عليهالسلام ـ في آخر الزمان ، فقد أخرج البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود وابن ماجة ، عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لينزلن ابن مريم ، حكما عدلا فليكسرن الصليب ، وليقتلن الخنزير ، وليضعن الجزية ، وليذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد ، وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد (١).
وقال ابن كثير ما ملخصه : قوله : (إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) الصحيح أن الضمير يعود على عيسى ، فإن السياق في ذكره ، ثم المراد بذلك نزوله قبل يوم القيامة كما قال ـ تعالى ـ (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ...) أى : قبل موت عيسى.
وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أنه أخبر بنزول عيسى قبل يوم القيامة ، إماما عادلا ، وحكما مقسطا» (٢).
وقوله : (فَلا تَمْتَرُنَّ بِها) أى : فلا تشكن في وقوعها في الوقت الذي يشاؤه الله ـ تعالى ـ ، فقوله (تَمْتَرُنَ) من المرية بمعنى الشك والريب.
وقوله : (وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) أى : واتبعوا ـ أيها الناس ـ ما جئتكم به من عند ربي ، فإن هذا الذي جئتكم به ، هو الطريق المستقيم الذي يوصلكم إلى السعادة في الدنيا والآخرة.
(وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ) أى : ولا يمنعنكم الشيطان بسبب وسوسته لكم ، عن طاعتي واتباعى (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) أى : إن الشيطان عداوته لكم ظاهرة ، وكيده لكم واضح ، كما قال ـ تعالى ـ : (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا. إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ).
ثم حكى ـ سبحانه ـ ما قاله عيسى ـ عليهالسلام ـ لقومه ، عند ما بعثه الله إليهم
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٥ ص ٩٥.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٧ ص ٢٢٣.