فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (٧٩) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) (٨٠)
وقوله ـ تعالى ـ : (الْأَخِلَّاءُ) جمع خليل بمعنى صديق. وسمى الأصدقاء أخلاء ، لأن المودة التي بينهم تخللت قلوبهم واختلطت بنفوسهم.
أى : الأصدقاء في الدنيا ، يصير بعضهم لبعض يوم القيامة أعداء ، لأنهم كانوا يجتمعون على الشرور والآثام في الدنيا ، وكانوا يتواصون بالبقاء على الكفر والفسوق والعصيان فلما جاء يوم القيامة ، وانكشفت الحقائق .. انقلبت صداقتهم إلى عداوة.
(إِلَّا الْمُتَّقِينَ) فإن صداقتهم في الدنيا تنفعهم في الآخرة ، لأنهم أقاموها على الإيمان والعمل الصالح والطاعة لله رب العالمين.
فالآية الكريمة إنذار للكافرين الذين كانت صداقاتهم في الدنيا تقوم على محاربة الحق ، ومناصرة الباطل ... وبشارة عظيمة للمتقين الذين بنوا صداقتهم في الدنيا على طاعة الله ـ تعالى ـ ونصرة دينه ، والعمل بشريعته.
ثم بشر الله ـ تعالى ـ عباده بجملة من البشارات الكريمة ، فقال ـ تعالى ـ : (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ. ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ).
والخوف معناه : توقع ما يخشاه ويغتم له الإنسان في المستقبل. والحزن معناه : غم يلحق الإنسان من أجل شيء مضى.
وقوله : (تُحْبَرُونَ) أى : تفرحون وتسرون سرورا عظيما يظهر حباره ـ بفتح الحاء وكسرها ـ أى : أثره الحسن على وجوهكم وأفئدتكم ، فهو من الحبر ـ بفتح الحاء والباء ـ بمعنى الأثر. ويصح أن يكون من الحبر ـ بسكون الباء ـ بمعنى الزينة وحسن الهيئة.
وبهذا ترى الآيات الكريمة قد نفت عنهم الخوف والحزن ، وفتحت لهم أبواب الجنة ، وأعلمتهم بأنهم سيكونون هم وأزواجهم في سرور دائم.
أى : يقول الله ـ تعالى ـ لعباده المؤمنين يوم القيامة : يا عباد الذين شرفتكم بالإضافة إلى ذاتى ، لا خوف عليكم اليوم من أمر المستقبل ، ولا أنتم تحزنون على أمر مضى.
وقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ) في محل نصب ، صفة لقوله «يا عباد» أى : يا عباد الذين آمنوا بآياتنا الدالة على وحدانيتنا وعلى صدق نبينا صلىاللهعليهوسلم. وكانوا في