والوقر ـ بكسر الواو ـ كالحمل وزنا ومعنى ، وهو مفعول به.
أى : فالسحب الحاملات للأمطار الثقيلة ، وللمياه الغزيرة ، التي تنزل على الأرض اليابسة ، فتحولها ـ بقدرة الله ـ تعالى ـ إلى أرض خضراء.
وهذا الوصف للسحاب بأنه يحمل الأمطار الثقيلة ، قد جاء ما يؤيده من الآيات القرآنية ، ومن ذلك قوله ـ تعالى ـ : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ، حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ ..) (١).
وقوله ـ سبحانه ـ : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ ..) (٢).
والمراد بالجاريات : السفن التي تجرى في البحر ، فتنقل الناس وأمتعتهم من بلد إلى بلد.
وقوله : (يُسْراً) صفة لمصدر محذوف بتقدير مضاف ، أى : فالجاريات بقدرة الله ـ تعالى ـ في البحر جريا ذا يسر وسهولة ، إلى حيث يسيرها ربانها.
ويصح أن يكون قوله (يُسْراً) حال. أى. فالجاريات في حال كونها ميسرة مسخرا لها البحر.
ومن الآيات التي تشبه في معناها هذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) (٣).
والمراد بالمقسمات في قوله ـ سبحانه ـ (فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً) الملائكة ، فإنهم يقسمون أرزاق العباد وأمورهم وشئونهم ... على حسب ما يكلفهم الله ـ تعالى ـ به من شئون مختلفة.
و (أَمْراً) مفعول به ، للوصف الذي هو المقسمات ، وهو مفرد أريد به الجمع ، أى : المقسمات لأمور العباد بأمر الله ـ تعالى ـ وإرادته.
وهذا التفسير لتلك الألفاظ ، قد ورد عن بعض الصحابة ، فعن أبى الطفيل أنه سمع عليا ـ رضى الله عنه ـ يقول ـ وهو على منبر الكوفة ـ : لا تسألونى عن آية في كتاب الله ، ولا عن سنة رسول الله ، إلا أنبأتكم بذلك ، فقام إليه ابن الكواء فقال : يا أمير المؤمنين. ما معنى قوله ـ تعالى ـ : (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً) قال : الريح. (فَالْحامِلاتِ وِقْراً) قال : السحاب. (فَالْجارِياتِ يُسْراً) قال : السفن ، (فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً) قال : الملائكة.
__________________
(١) سورة الأعراف الآية ٥٧.
(٢) سورة الرعد الآية ١٢.
(٣) سورة الشورى الآية ٣٢.