وروى مثل هذا التفسير عن عمر بن الخطاب ، وعن ابن عباس. (١).
ومن العلماء من يرى أن هذه الألفاظ جميعها صفات للرياح.
قال الإمام الرازي. هذه صفات أربع للرياح ، فالذاريات : هي الرياح التي تنشئ السحاب أولا. والحاملات : هي الرياح التي تحمل السحب التي هي بخار الماء ... والجاريات : هي الرياح التي تجرى بالسحب بعد حملها. والمقسمات : هي الرياح التي تفرق الأمطار على الأقطار (٢).
ومع وجاهة رأى الإمام الرازي في هذه المسألة ، إلا أننا نؤثر عليه الرأى السابق ، لأنه ثابت عن بعض الصحابة ، ولأن كون هذه الألفاظ الأربعة لها معان مختلفة ، أدل على قدرة الله ـ تعالى ـ وعلى فضله على عباده.
وقد تركنا أقوالا ظاهرة الضعف والسقوط. كقول بعضهم : الذاريات هن النساء ، فإنهن يذرين الأولاد ، بمعنى أنهن يأتين بالأولاد بعضهم في إثر بعض ، كما تنقل الرياح الشيء من مكان إلى مكان.
قال الآلوسى : ثم إذا حملت هذه الصفات على أمور مختلفة متغايرة بالذات ـ كما هو الرأى المعول عليه ـ فالفاء للترتيب في الأقسام ذكرا ورتبة ، باعتبار تفاوت مراتبها في الدلالة على كمال قدرته ـ عزوجل ـ وهذا التفاوت إما على الترقي أو التنزل ، لما في كل منها من الصفات التي تجعلها أعلى من وجه وأدنى من آخر.
وإن حملت على واحد وهو الرياح ، فهي لترتيب الأفعال والصفات ، إذ الريح تذرو الأبخرة إلى الجو أولا ، حتى تنعقد سحابا ، فتحمله ثانيا ، وتجرى به ثالثا ناشرة وسائقة له إلى حيث أمرها الله ـ تعالى ـ ثم تقسم أمطاره (٣).
وقوله : (إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ) جواب القسم. و «ما» موصولة والعائد محذوف ، والوصف بمعنى المصدر. أى : وحق هذه الأشياء التي ذكرتها لكم إن الذي توعدونه من الجزاء والحساب والبعث .. لصدق لا يحوم حوله كذب أوشك.
ويجوز أن تكون «ما» مصدرية. أى : إن الوعد بالبعث والجزاء والحساب لصادق.
وقوله : (وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ) تأكيد وتقرير لما قبله. أى : وإن الجزاء على الأعمال لواقع
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٧ ص ٣٩١.
(٢) راجع تفسير الفخر الرازي ج ٧ ص ٦٢٨.
(٣) تفسير الآلوسى ج ٢٧ ص ٣.