صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (٣٢)
وقصة قبيلة ثمود مع نبيهم صالح ـ عليهالسلام ـ قد وردت في سور متعددة منها سورة الأعراف ، وسورة هود ، وسورة الشعراء ، وسورة النمل.
وينتهى نسبهم إلى جدهم ثمود ، وقيل سموا بذلك لقلة ماء المكان الذي كانوا يعيشون فيه ، لأن الثمد هو الماء القليل.
وكانت مساكنهم بالحجر ـ بكسر الحاء وسكون الجيم ـ ، وهو مكان يقع بين الحجاز والشام ، وما زال معروفا إلى الآن.
ونبيهم صالح ـ عليهالسلام ـ ينتهى نسبه إلى نوح ـ عليهالسلام ـ.
وقوله : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ) أى : كذبت قبيلة ثمود بالنذر التي جاءتهم عن طريق رسولهم صالح ـ عليهالسلام ـ فالنذر بمعنى الإنذارات التي أنذرهم بها صالح ـ عليهالسلام ـ ثم حكى ـ سبحانه ـ مظاهر تكذيبهم فقال : (فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ ...).
و «بشرا» منصوب على المفعولية بالفعل «نتبعه» على طريقة الاشتغال ، وقدم لاتصاله بهمزة الاستفهام ، لأن حقها التصدير ، والاستفهام للإنكار ، وواحدا صفة لقوله (بَشَراً). أى : أن قوم صالح ـ عليهالسلام ـ حين جاءهم برسالته التي تدعوهم إلى إخلاص العبادة لله ـ تعالى ـ ، أنكروا ذلك ، وقالوا : أنتبع واحدا من البشر جاءنا بهذا الكلام الذي يخالف ما كان عليه آباؤنا وأجدادنا؟.
(إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) أى : إنا إذا لو اتبعناه لصرنا في ضلال عظيم ، وفي (سُعُرٍ) أى وفي جنون واضح ، ومنه قولهم : ناقة مسعورة ، إذا كانت لا تستقر على حال ، وتفرط في سيرها كالمجنونة.
أو المعنى : إنا لو اتبعناه لكنا في ضلال ، وفي نيران عظيمة. فالسعر بمعنى النار المسعرة ، ثم أخذوا في تفنيد دعوته ، فقالوا : (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا ..) والاستفهام للإنكار والنفي. والمراد بالإلقاء : الإنزال. وبالذكر : الوحى الذي أوحاه الله ـ تعالى ـ إليه ، وبلغه لهم. أى : أأنزل الوحى على صالح وحده دوننا؟ لا لم ينزل عليه الوحى دوننا ، فهو واحد من أفنائنا ، وليس من أشرافنا ...