والمراد باليوم هنا : مطلق الوقت مهما قل زمنه ، والشأن : الأمر العظيم ، والحدث الهام ..
أى : أنه ـ سبحانه ـ يسأله من في السموات والأرض ، سؤال المحتاج إلى رزقه ، وفضله ، وستره ، وعافيته .. وهو ـ عزوجل ـ في كل وقت من الأوقات ، وفي كل لحظة من اللحظات ، في شأن عظيم. وأمر جليل ، حيث يحدث ما يحدث من أحوال في هذا الكون ، فيحيى ويميت ، ويعز ويذل ، ويغنى ويفقر ، ويشفى ويمرض .. دون أن يشغله شأن عن شأن ..
قال الآلوسى ما ملخصه : قوله : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) أى : كل وقت من الأوقات ، هو في شأن من الشئون ، التي من جملتها إعطاء ما سألوا. فإنه ـ تعالى ـ لا يزال ينشئ أشخاصا ، ويفنى آخرين ، ويأتى بأحوال ، ويذهب بأحوال ، حسبما تقتضيه إرادته المبنية على الحكم البالغة ..
أخرج البخاري في تاريخه ، وابن ماجة ، وجماعة عن أبى الدرداء ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال في هذه الآية : «من شأنه : أن يغفر ذنبا ، ويفرج كربا ، ويرفع قوما ، ويخفض آخرين».
وسأل بعضهم أحد الحكماء ، عن كيفية الجمع بين هذه الآية ، وبين ما صح من أن القلم قد جف بما هو كائن إلى يوم القيامة ، فقال : «شئون يبديها لا شئون يبتديها» ..
وانتصب «كل يوم» على الظرفية ، والعامل فيه هو العامل في قوله ـ تعالى ـ : (فِي شَأْنٍ) وهو ثابت المحذوف ، فكأنه قيل : هو ثابت في شأن كل يوم .. (١).
ثم هدد ـ سبحانه ـ الذين يخالفون عن أمره تحذيرا شديدا ، فقال : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
وجيء بحرف التنفيس الدال على القرب وهو السين للإشعار بتحقق ما أخبر به ـ سبحانه ـ.
وقوله : (سَنَفْرُغُ) من الفراغ ، وهو الخلو عما يشغل ..
والمراد به هنا : القصد إلى الشيء والإقبال عليه ، يقال : فلان فرغ لفلان وإليه ، إذا قصد إليه لأمر ما ...
والثقلان : تثنية ثقل ـ بفتحتين ـ ، وأصله كل شيء له وزن وثقل ، والمراد بهما هنا : الإنس والجن.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٧ ص ١١٠.