تُكَذِّبانِ) لأن كل آية قد اشتملت على نعمة أو نعم عظيمة من شأن العاقل أن يشكر الله ـ تعالى ـ عليها شكرا جزيلا.
ثم واصلت السورة حتى نهايتها ، حديثها عن النعم التي منحها ـ سبحانه ـ لمن خاف مقام ربه ، فقال ـ تعالى ـ :
(وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٣) مُدْهامَّتانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٥) فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (٦٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٧) فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٩) فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧١) حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٣) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٧٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٥) مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ (٧٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٧) تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٧٨)
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) معطوف على قوله ـ تعالى ـ قبل ذلك : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ).
ولفظ دون هنا يحتمل أنه بمعنى غير. أى : ولمن خاف مقام ربه جنتان ، وله ـ أيضا ـ جنتان أخريان غيرهما ، فهو من باب قوله ـ سبحانه ـ (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ).
قالوا : ويشهد لهذا الاحتمال. أن الله ـ تعالى ـ قد وصف هاتين الجنتين بما يقارب وصفه للجنتين السابقتين ، وأن تكرير هذه الأوصاف من باب الحض على العمل الصالح الذي يوصل الى الظفر بتلك الجنات ، وما اشتملت عليه من خيرات.