والرفرف : مأخوذ من الرّف بمعنى الارتفاع ، وهو اسم جمع واحده رفرفة ، أو اسم جنس جمعى و (خُضْرٍ) صفة له ..
والعبقري : وصف لكل ما كان ممتازا في جنسه. نادر الوجود في صفاته والمراد به هنا الثوب الموشى بالذهب ، والبالغ النهاية في الجودة والجمال ..
قال القرطبي : العبقري : ثياب منقوشة تبسط .. قال القتيبي : كل ثوب وشى عند العرب فهو عبقري. وقال أبو عبيد : هو منسوب الى أرض يعمل فيها الوشي ..
ويقال : عبقر قرية باليمن تنسج فيها بسط منقوشة. وقال ابن الأنبارى : إن الأصل فيه أن عبقر قرية يسكنها الجن ينسب إليها كل فائق جليل ، ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم : في عمر ابن الخطاب : فلم أر عبقريا يفرى فريه .. (١).
أى : هؤلاء الذين خافوا مقام ربهم ، قد أسكناهم بفضلنا الجنات العاليات حالة كونهم فيها على الفرش الجميلة المرتفعة. وعلى الأبسطة التي بلغت الغاية في حسنها وجودتها ودقة وشيها ..
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بقوله : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ).
أى : جل شأن الله ـ تعالى ـ ، وارتفع اسمه الجليل عما لا يليق بشأنه العظيم ، فهو ـ عزوجل ـ صاحب الجلال. أى : العظمة والاستغناء المطلق ، والإكرام. أى : الفضل التام ، والإحسان الذي لا يقاربه إحسان.
وبعد : فهذا تفسير لسورة «الرحمن» نسأل الله ـ تعالى ـ أن يجعله خالصا لوجهه ونافعا لعباده.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
الدوحة ـ قطر
صباح الأحد ٦ من رجب ١٤٠٦ ه
١٦ من مارس ١٩٨٦ م.
كتبه الراجي عفو ربه
د. محمد سيد طنطاوى
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٧ ص ١٩٢.