أو ـ كما يقول صاحب الكشاف ـ : لأن النخل ثمره فاكهة وطعام ، والرمان فاكهة ودواء ، فلم يخلصا للتفكه ، ولذا قال أبو حنيفة ـ رحمهالله ـ إذا حلف لا يأكل فاكهة ، فأكل رمانا أو رطبا لم يحنث ... (١).
والضمير في قوله ـ تعالى ـ : (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) يعود إلى الجنات الأربع : الجنتين المذكورتين في قوله ـ تعالى ـ : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) والجنتين المذكورتين هنا في قوله ـ سبحانه ـ : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ).
ولفظ (خَيْراتٌ) صفة لموصوف محذوف. أى : نساء خيرات حسان.
أى : في هذه الجنات نساء فاضلات الأخلاق ، حسان الخلق والخلق.
قال الجمل : قوله : (خَيْراتٌ) فيه وجهان : أحدهما : أنه جمع خيرة بزنة فعلة بسكون العين ـ يقال : امرأة خيرة ، وأخرى شرة ، والثاني. أنه جمع خيرة المخفف من خيرة بالتشديد ، ويدل على ذلك قراءة خيرات ـ بتشديد الياء .. (٢).
وقوله (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) بدل من خيرات. والحور : جمع حوراء ، وهي المرأة ذات الحور ، أى : ذات العين التي اشتد بياضها واشتد سوادها في جمال وحسن ..
ومقصورات : جمع مقصورة أى : محتجبة في بيتها. قد قصرت نفسها على زوجها ... فهي لا تجرى في الطرقات .. بل هي ملازمة لبيتها ، وتلك صفة النساء الفضليات اللاتي يزورهن من يريدهن ، أما هن فكما قال الشاعر :
ويكرمها جاراتها فيزرنها |
|
وتعتل عن إتيانهن فتعذر |
أى : في تلك الجنات نساء خيرات فضليات جميلات مخدرات. ملازمات لبيوتهن ، لا يتطلعن إلى غير رجالهن ..
هؤلاء النساء (لَمْ يَطْمِثْهُنَ) أى : لم يلمسهن ويباشرهن (إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ).
أى : لم يجامعهن أحد لا من الإنس ولا من الجن قبل الرجال الذين خصصهن الله ـ تعالى ـ لهم ..
وقوله : (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ ...) حال من قوله ـ تعالى ـ : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ ...).
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٤ ص ٥٠.
(٢) حاشية الجمل على الجلالين ج ٤ ص ٢٦٦.