وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ ..) (١).
وقوله ـ سبحانه ـ : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ ، وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ) (٢).
ثم بين ـ سبحانه ـ ما يترتب على قيام الساعة من أحوال فقال : (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) أى : هي خافضة للأشقياء إلى أسفل الدركات : وهي رافعة للسعداء إلى أعلى الدرجات.
والخفض والرفع يستعملان عند العرب في المكان والمكانة. وفي العز والإهانة .. ونسب ـ سبحانه ـ الخفض والرفع إلى القيامة على سبيل المجاز.
والمقصود بالآية الكريمة ترغيب الصالحين في الازدياد من العمل الصالح ، لترفع منزلتهم يوم القيامة ، وترهيب الفاسقين من سوء المصير الذي ينتظرهم ، إذا ما استمروا في فسقهم وعصيانهم.
ويرى بعضهم أن المراد بالخفض والرفع في هذا اليوم ، ما يترتب عليه من تناثر النجوم ، ومن تبدل الأرض غير الأرض ، ومن صيرورة الجبال كالعهن المنفوش ..
وعلى هذا يكون المقصود بالآية : التهويل من شأن يوم القيامة ، حتى يستعد الخلق لاستقباله ، بالإيمان والعمل الصالح ، حتى لا يصيبهم فيه ما يصيب العصاة المفسدين ، من خزي وهوان ..
والآية الكريمة تسع المعنيين ، لأن في هذا اليوم يرتفع الأخيار وينخفض الأشرار ، ولأن فيه ـ أيضا ـ (تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ ...).
والمراد بالرج في قوله ـ تعالى ـ بعد ذلك : (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا. وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا ...) التحريك الشديد ، والاضطراب الواضح. يقال : رج فلان الشيء رجا ، إذا حركه بعنف وزلزلة بقوة ..
وقوله (وَبُسَّتِ) من البس بمعنى التفتيت والتكسير الدقيق ، ومنه قولهم : بس فلان السويق ، إذا فتته ولته وهيأه للأكل ...
أى : إذا رجت الأرض وزلزلت زلزالا شديدا ، وفتت الجبال تفتيتا حتى صارت كالسويق
__________________
(١) سورة النساء الآية ٨٧.
(٢) سورة غافر الآية ٨٤.