اللاحقة التي من جملتها أنتم. الكل مجموعون ومسوقون إلى المحشر في وقت واحد محدد في علم الله ـ تعالى ـ. وعند ما يأتى هذا الوقت ماله من دافع.
فالميقات هنا : بمعنى الوقت والأجل ، والمراد به هنا : يوم القيامة.
ووصفه ـ سبحانه ـ بأنه معلوم ، للإشعار بكونه معينا وواقعا وقوعا لا ريب فيه ، ولكن في الوقت الذي يشاؤه الله ـ تعالى ـ ويختاره.
ثم بين ـ سبحانه ـ ما سيحل بهم من عذاب في هذا اليوم فقال : (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ، لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ ...).
والجملة الكريمة معطوفة على قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ ...)
وداخلة في حيز القول. و (ثُمَ) للتراخي الزمانى أو الرتبى والخطاب للمشركين الذين أعرضوا عن دعوة النبي صلىاللهعليهوسلم.
و (مِنْ) في قوله : (مِنْ شَجَرٍ) ابتدائية ، وفي قوله : (مِنْ زَقُّومٍ) بيانية.
وشجر الزقوم : لا وجود له في الدنيا ، وإنما يخلقه الله ـ تعالى ـ في النار كما يخلق غيره من أصناف العذاب ، كالحيات والعقارب ..
وقيل : هو شجر سام ، متى مسه جسد إنسان ، تورم هذا الإنسان ومات ويوجد هذا الشجر في الأراضي المجدبة المجاورة للصحراء.
والزقوم من التزقم ، وهو ابتلاع الشيء الكرية ، بمشقة شديدة ..
والمعنى : ثم قل لهم ـ أيها الرسول الكريم ـ على سبيل التقريع والتبكيت : إنكم أيها الضالون عن الحق. المكذبون بالبعث والجزاء ، لآكلون يوم القيامة من شجر ، هو شجر الزقوم ، الذي هو أخبث الشجر وأبشعه ...
(فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) أى : فمالئون من هذه الشجرة الخبيثة بطونكم ، لشدة الجوع الذي حل بكم ..
وجاء الضمير مؤنثا في قوله : (مِنْهَا) لأن الشجر هنا بمعنى الشجرة ، أو لأن ضمائر الجمع لغير العاقل تأتى مؤنثة في الغالب.
ثم قال ـ تعالى ـ : (فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ. فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) والضمير في قوله : (عَلَيْهِ) يعود على الأكل المستفاد من قوله : (لَآكِلُونَ) ..
أى : ثم إنكم أيها الضالون المكذبون بعد هذا الأكل الخبيث من شجرة الزقوم .. تشربون.
عليه في بطونكم ـ ماء ـ قد بلغ أقصى درجات الحرارة ، فصرتم في شرابكم كالإبل العطاش