قال ـ تعالى ـ : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
٤ ـ ثم حضت السورة الكريمة المؤمنين على الثبات على إيمانهم ، وعلى الإنفاق في سبيل الله ، ووعدتهم على ذلك بأجزل الثواب.
قال ـ تعالى ـ : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ ، وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ).
٥ ـ ثم تتحدث السورة الكريمة بعد ذلك بأسلوبها البليغ المؤثر ، عن حسن عاقبة المؤمنين ، وسوء عاقبة المنافقين ، فتحكى جانبا مما يدور بين الفريقين من محاورات فتقول : (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ، قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً ، فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ ، وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ ، يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ؟ قالُوا : بَلى ، وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ ، وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ ، حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ).
٦ ـ وبعد أن تنتقل السورة الكريمة إلى حث المؤمنين على الخشوع لله ، وعلى تذكر الموت ، وعلى البذل في سبيل الله ... بعد كل ذلك تبين لهم مصير الحياة الدنيا ، وتدعوهم إلى إيثار الآجلة على العاجلة ، والباقية على الفانية فتقول : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ، وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ ، كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ، ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً ، وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ ، وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ ، سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ، وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ، أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ، ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ، وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
٧ ـ ثم تقرر السورة بعد ذلك أن كل شيء بقضاء الله وقدره ، وأنه ـ سبحانه ـ قد أرسل رسله ، وأنزل عليهم كتبه ، وأمرهم بنشر العدل بين الناس ، كما أمرهم بإعداد القوة لإرهاب أعداء الحق ، لأن الناس في كل زمان ومكان فيهم المهتدون ، وفيهم الضالون ، كما قال ـ تعالى ـ : (فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ).
٨ ـ ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة بهذا النداء الحكيم للمؤمنين فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ، وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ، وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ ، وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ، وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).