بهم ، وتصوير لعدم خروجهم عنه أينما كانوا ، وقيل المعية مجاز مرسل عن العلم بعلاقة السببية والقرينة السياق واللحاق مع استحالة الحقيقة.
وقد أول السلف هذه الآية بذلك ، أخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس أنه قال فيها : عالم بكم أينما كنتم.
وأخرج ـ أيضا ـ عن سفيان الثوري انه سئل عنها فقال : علمه معكم.
وفي البحر : أنه أجمعت الأمة على هذا التأويل فيها ، وأنها لا تحمل على ظاهرها من المعية بالذات (١).
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بقوله : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) أى : والله ـ تعالى ـ لا يخفى عليه شيء من أقوالكم أو أفعالكم .. بل هو مطلع عليكم اطلاعا تاما.
ثم أكد ـ سبحانه ـ كمال قدرته فقال (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أى : له ـ سبحانه ـ التصرف الكلى في السموات والأرض. وفيما فيهما من موجودات ، من حيث الإيجاد والإعدام وسائر التصرفات.
(وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) أى : وإلى الله ـ تعالى ـ وحده لا إلى غيره ، مرد الأمور كلها ، والحكم عليها ، والتصرف فيها .. وليس إلى أحد غيره لا على سبيل الاستقلال ، ولا على سبيل الاشتراك.
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) أى : يدخل ـ سبحانه ـ طائفة من الليل في النهار ، فيقصر الليل ويزيد النهار ويدخل طائفة من النهار في الليل ، فيقصر النهار ، ويزيد الليل ، ثم يسيران على هذا النظام البديع ، دون أن يسبق أحدهما الآخر.
(وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) و «ذات» هنا مؤنث ذو بمعنى صاحب.
أى : وهو ـ سبحانه ـ عليم علما تاما بمكنونات الصدور ، وما تضمره من خير أو شر وما يتردد فيها من خواطر وأفكار.
والمتأمل في هذه الآيات الكريمة من أول السورة إلى هنا ، يراها قد اشتملت على بضع عشرة صفة ، من صفات الله عزوجل ـ الدالة على وجوب إخلاص العبادة له ، والانقياد لأمره ونهيه.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٧ ص ١٦٨.