وعرش الله ، مما لا يعلمه البشر إلا بالاسم أما حقيقته وكيفيته فلا يعلمها إلا الله ـ تعالى ـ.
وقد ذكر العرش في إحدى وعشرين آية من القرآن الكريم ، كما ذكر الاستواء على العرش في سبع آيات.
أى : هو ـ سبحانه ـ الذي خلق السموات والأرض في ستة أوقات ، ثم استوى على العرش ، استواء يليق به ـ تعالى ـ. بلا كيف ، ولا تمثيل ، ولا تشبيه ، لاستحالة اتصافه ـ تعالى : بصفات المحدثين ، ولوجوب تنزيهه عما لا يليق به (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
قال الإمام مالك ـ رحمهالله ـ الكيف غير معقول ، والاستواء غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة.
ثم بين ـ سبحانه ـ شمول علمه فقال : (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها ، وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها).
وقوله : (يَلِجُ) من الولوج بمعنى الدخول ، يقال : ولج فلان بيته ، إذا دخله.
وقوله : (يَعْرُجُ) من العروج وهو الذهاب في صعود ، والسماء ، جهة العلو مطلقا.
أى أنه ـ سبحانه ـ يعلم ما يلج في الأرض ، وما يدخل فيها من ماء نازل من السماء ، ومن جواهر وكنوز قد طويت في باطنها ، ومن بذور ومعادن في طياتها.
ويعلم ـ أيضا ـ (ما يَخْرُجُ مِنْها) من نبات وحبوب وكنوز ، وغير ذلك من أنواع الخيرات ، ويعلم ـ كذلك ـ (ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) من أمطار ، وثلوج ، وبرد ، وصواعق ، وبركات ، من عنده ـ تعالى ـ لأهل الأرض.
ويعلم ـ أيضا ـ ما يصعد فيها من الملائكة ، ومن الأعمال الصالحة ، كما قال ـ تعالى ـ (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ).
وعدى العروج بحرف في ، لتضمنه معنى الاستقرار ، وهو في الأصل يعدى بحرف إلى ، كما في قوله ـ تعالى ـ : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ).
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) أى : وهو معكم بعلمه ولطفه ورحمته .. أينما كنتم وحيثما وجدتم.
قال الآلوسى : قوله ـ تعالى ـ : وهو معكم أينما كنتم تمثيل لإحاطة علمه ـ تعالى ـ