قال صاحب الكشاف : قوله : (هِيَ مَوْلاكُمْ) قيل : هي أولى بكم ... وحقيقة مولاكم ، أى : مكانكم الذي يقال فيه هو أولى بكم كما قيل هو مئنة للكرم ، أى مكان لقول القائل إنه لكريم.
ويجوز أن يراد : هي ناصركم. أى : لا ناصر لكم غيرها. والمراد : نفى الناصر على البتات ، ونحوه قولهم أصيب فلان بكذا فاستنصر بالجزع. ومنه قوله ـ تعالى ـ (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ).
وقيل : هي مولاكم ، أى تتولاكم كما توليتم في الدنيا أعمال أهل النار.
وعطف ـ سبحانه ـ الذين كفروا على المنافقين في عدم قبول الفدية ، لاتحادهم في التكذيب بيوم الدين ، وفي الاستهزاء بالحق الذي جاءهم من عند الله ـ تعالى ـ.
والمخصوص بالذم في قوله ـ تعالى ـ : (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) محذوف والتقدير : وبئس المصير جهنم التي هي المكان الذي تصيرون إليه.
فأنت ترى أن المؤمنين قد بينوا للمنافقين ، أنهم يوافقونهم على أنهم كانوا معهم في الدنيا.
ولكن الذي أدى بهؤلاء المنافقين إلى هذا المصير الأليم هو : فتنة أنفسهم ، والتربص بالمؤمنين ، والارتياب في صدق الرسول صلىاللهعليهوسلم والاغترار بخداع الشيطان .. فما نزل بهم من عذاب إنما هو بسبب أفعالهم القبيحة.
وبعد هذا الحديث المؤثر عن المؤمنين ونورهم ، وعن المنافقين وظلماتهم وعن تلك المحاورات التي تدور بينهم .. بعد كل ذلك حرض ـ سبحانه ـ المؤمنين ، على أن يروضوا أنفسهم على خشية الله ـ تعالى ـ وحذرهم من أن ينهجوا نهج أهل الكتاب في قسوة القلب ، ووعد ـ سبحانه ـ المؤمنين الصادقين بالأجر الجزيل ، وبالنور العظيم ، فقال ـ تعالى ـ :
(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (١٦) اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٧) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا