في شأنهم : (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا. وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) (١).
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) تذييل المقصود به ذم هؤلاء البخلاء على بخلهم.
وجواب الشرط محذوف ، أغنت عنه جملة (فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) والغنى : هو الموصوف بالغنى ـ وهي صفة من صفات الله ـ عزوجل ـ إذ هو الغنى غنى مطلقا ، والخلق جميعا في حاجة إلى عطائه ـ سبحانه ـ والحميد : وصف مبالغة من الحمد. والمراد به أنه ـ تعالى ـ كثير الحمد والعطاء للمنفقين في وجوه الخير.
أى : ومن يعرض عن هدايات الله ـ تعالى ـ وعن إرشاداته ... فلن يضر الله شيئا ، فإن الله ـ تعالى ـ هو صاحب الغنى المطلق الذي لا يستغنى عن عطائه أحد ، وهو ـ سبحانه ـ كثير الحمد والعطاء لمن استجاب لأمره فأنفق مما رزقه الله بدون اختيال أو تفاخر أو أذى.
ثم بين ـ سبحانه ـ أن حكمته قد اقتضت أن يرسل رسله إلى الناس ، ليهدوهم إلى طريق الحق ، وأن الناس منهم من اتبع الرسل ، ومنهم من أعرض عنهم ، ومنهم من ابتدع أمورا من عند نفسه لم يرعها حق رعايتها .. فقال ـ تعالى ـ :
(لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢٥) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٢٦) ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ
__________________
(١) سورة المنافقون الآية ٧.