قالت : ثم خرج فجلس في نادى قومه ساعة ، ثم رجع ، فإذا هو يريدني عن نفسي ، فقالت له : كلا والذي نفس خولة بيده لا تخلص إلىّ ، وقلت ما قلت ، حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه ..
قالت : فواثبنى ، فامتنعت عنه ، فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف فألقيته عنى.
ثم خرجت إلى بعض جاراتي ، فاستعرت منها ثيابا ، ثم خرجت حتى جئت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجلست بين يديه ، فذكرت له صلىاللهعليهوسلم ما لقيت من زوجي ، وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه.
قالت : فجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «يا خويلة ، ابن عمك شيخ كبير فاتقى الله فيه».
قالت : فو الله ما برحت حتى نزل فىّ قرآن ، فتغشى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما كان يتغشاه ، ثم سرى عنه ، فقال لي : «يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآنا». ثم قرأ على هذه الآيات.
وفي رواية : أنها أتت النبي صلىاللهعليهوسلم فقالت له : يا رسول الله ، إن أوسا تزوجني وأنا شابة مرغوب في ، فلما خلا سنى ، ونثرت بطني ، جعلني عليه كأمه ، وتركني إلى غير أحد ، فإن كنت تجد لي رخصة يا رسول الله فحدثني بها.
فقال صلىاللهعليهوسلم : «ما أمرت بشيء في شأنك حتى الآن» وفي رواية أنه قال لها : «ما أراك إلا قد حرمت عليه».
فقالت : يا رسول الله ، إنه ما ذكر طلاقا ، وأخذت تجادل النبي صلىاللهعليهوسلم ثم قالت : اللهم إنى أشكو إليك فاقتي ، وشدة حالي ، وإن لي من زوجي أولادا صغارا ، إن ضمّهم إليه ضاعوا ، وإن ضممتهم إلى جاعوا.
قالت : وما برحت حتى نزل القرآن ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «يا خولة أبشرى» ثم قرأ على هذه الآيات (١).
و «قد» في قوله ـ تعالى ـ : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ) للتحقيق ولتوقع الإجابة من الله ـ تعالى ـ على ما جادلت فيه تلك المرأة النبي صلىاللهعليهوسلم.
قال صاحب الكشاف : «فإن قلت ما معنى «قد» في قوله : (قَدْ سَمِعَ ..)؟
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٣١٨ ، وتفسير ابن جرير ج ٢٨ ص ٢.