الفوت ، ومن أيقن الحساب خاف العذاب.
فقيل له : يا أمير المؤمنين ، أتقف هذا الوقوف لتلك المرأة العجوز؟ فقال : والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره لا زلت إلا للصلاة المكتوبة. أتدرون من هذه؟ إنها خولة بنت ثعلبة ، سمع الله قولها من فوق سبع سماوات ، أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر» (١).
٢ ـ أخذ العلماء من قوله ـ تعالى ـ : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ...) أنه ليس للنساء ظهار ، فلو ظاهرت امرأة من زوجها لم يلزمها شيء .. لأن الحل والعقد ، والتحليل والتحريم في النكاح ، إنما هو بيد الرجل لا بيد المرأة.
ويرى بعضهم أن عليها كفارة يمين ، ولا يحول قولها هذا بينها وبين زوجها من مجامعتها. كما أخذ الحنفية والحنابلة والمالكية من هذه الآية ، أن الظهار خاص بالمسلمين ، لأنهم هم المخاطبون ، ولأن غيرهم من الذميين ليسوا من أهل الكفارة.
وقال الشافعية : كما يصح طلاق الذمي وتترتب عليه أحكامه ، يصح ظهار الذمي وتترتب عليه أحكامه .. كذلك أخذ العلماء من هذه الآية : صحة ظهار العبد من زوجته ، لأن أحكام النكاح في حقه ثابتة ، وإذا تعذر عليه العتق والإطعام. فإنه قادر على الصوم.
٣ ـ يؤخذ من قوله ـ تعالى ـ : (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) أن الظهار حرام ، لأن الله ـ تعالى ـ قد وصفه بأنه منكر من القول ، وبأنه زور.
والفعل الذي يوصف بهذا الوصف ، يجب على المؤمن أن يتنزه عنه.
٤ ـ يرى الحنفية والظاهرية أنه يكفى في الكفارة بالنسبة للظهار تحرير رقبة حتى ولو كانت كافرة ، لأن الله ـ تعالى ـ يقول : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) ولو كان الإيمان شرطا لبينه كما بينه في كفارة القتل. فوجب أن يطلق ما أطلقه ، وأن يقيد ما قيده ، ويعمل بكل منهما في موضعه.
ويرى جمهور الفقهاء اشتراط الإيمان في الرقبة ، لأنه من المعروف حمل المطلق على المقيد إذا كان من جنسه ، وما دام قد ورد النص على كون الرقبة مؤمنة في بعض الآيات ، فيجب حمل بقية الآيات على ذلك.
٥ ـ دل قوله ـ تعالى ـ (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) على حرمة الجماع قبل التكفير.
وألحق بعضهم بالجماع دواعيه من التقبيل ونحوه ، لأن الأصل في الأحكام أنه إذا حرم شيء منها ، أن يلحق بذلك الشيء المحرم ما يوصل إليه إذ طريق المحرم محرم.
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٧ ص ٢٦٩.